4‏/6‏/2012

أحاديث موريتانية( III)


السَّيِّدْ حمدي يحظيه 
الحديث الثالث: مع موريتانيا ضد الأطماع المغربية   
وإذا كانت موريتانيا، مثلما ذهبنا إليه في حديثنا الأول عنها، تتعرض في روحها وتاريخها وحضارتها على تشويه كبير فإنها، كبلد ذا سيادة، تتعرض سيادتها للخطر على المدى البعيد. 
إن التشويه الذي تتعرض له روح موريتانيا وهويتها ومعها البيظان كلل جاء - كما قلت- في سياق عام يريد 
زعزعة ثقة البلد في نفسه. ففي نفس الوقت الذي كان الناس في موريتانيا، بما فيهم بعض كتابهم ومثقفيهم، يتجادلون ويتحاجون خطأ، خطأ، خطأ حول معنى كذا وماذا، وهل يعني كذا أو كذا كان احد الديناصورات الرجعيين والتوسعيين في المغرب، محمد زيان، وزير سابق ومقرب من القصر حاليا، يقول بتبجح وبتعنت وكفر، محتقرا موريتانيا والموريتانيين والمنطقة كلها، أن موريتانيا " هي ارض مغربية" وأنها " ليست دولة." 
إن تصريح ذلك الديناصور الرجعي لم يمس موريتانيا وحدها في الصميم إنما مس معها الصحراء الغربية، وبالتالي مس من كرامة وسيادة كل البيظان جميعا. فحين أعتبر موريتانيا "مغربية" فإنه، كتحصيل حاصل بسيط، عنى أيضا أن الصحراء الغربية هي " مغربية" أيضا مادامت موريتانيا لا حدود لها مع المغرب.   
مر الكثير من الوقت على تصريحات الرجعي محمد زيان، لكن للاسف لم نسمع أية كلمة قيلت أو كتبت تتصدى له من طرف البيظان بصفة عامة. الذي نستغربه ليست التصريحات في حد ذاتها – هذا شيء نعرفه تماما- ولا في صدورها من طرف ديناصور رجعي مثل محمد زيان، لكن الذي نستغربه هو أن البيظان – في هذه الحالة، تعرض السيادة للخطر لا فرق بين صحراوي وموريتاني- خاصة في موريتانيا، رغم تفوقهم الثقافي والسياسي ومستاهم الأدبي المعترف به عربيا، وسلاقتهم اللغوية التي تفوقوا بها على المشارقة وغيرتهم على العرب والمسلمين، لم يتصدوا لهده التصريحات الخطيرة التي تحط، في الحقيقة، من كرامة البلد ومن كرامة شعبه.   
المشكلة أن مجتمع أو شعوب البيظان او بلادهم كلها تقريبا هي مجتمعات مثقفة تكتب، تكتب وتقرض الشعر بكل أنواعه، والعالم العربي، خاصة أولئك الذين يعرفون البيظان والموريتانيين حصرا، يخشونهم كلما تعلق الأمر بالجدال اللغوي وحرب اللعب بالكلمات. لن أبالغ إذا قلت أو كتبت أنني مقتنع تماما أن جميع البيظان لديهم من القدرة على الرد والكتابة والجدال بالحجة على " إرجعوا لمحمد زيان لسانو في غظابنتو"، لكن لماذا لم يقولوا أي شيء؟ 
الموجع أيضا ( اللي يبقى في لخلاك ويجرحها) في قضية التطاول المغربي الفاضح على موريتانيا، التي لازال ديناصورات العهد الغابر يجترونها، هي ان كل المواقع الإلكتروينة والجرائد الموريتانية نشرت تصريحات الرجعي زيان هكذا نقلا عن مصدرها دون الرد عليها أو استنكارها.
ماذا حدث لمثقفي شعوب البيظان ؟ لماذا اختفوا حين تعلق الأمر بالتطاول المغربي على موريتانيا؟ لماذا لم ينبروا لمثل هذه التصريحات، ولماذا لم يثيروا حولها ضجة كبيرة تجعل أي مغربي يريد التطاول على موريتانيا يفكر ألف مرة قبل حتى ذكر موريتانيا فما بالك التطاول عليها.        
في نفس الوقت الذي انشغل فيه الناس في أرض البيظان بالحديث عن معنى اسم نواقشوط أو شنقيط أو نواذيبو بالبربرية كان المراكشيون يتحدثون بإعجاب عن "شجاعة" محمد زيان الذي أهان موريتانيا في سيادتها وحضارتها. إن لأمر هنا يتعلق بسيادة بلد يعيش فيه بيظان، بلد هو عاصمة الحضارة البيظانية، بلد تكافح فيه هوية البيظان ضد الابتلاع وضد زحف الرمال. إن هذا التهديد المغربي الوقح والصريح يحي لدى البيظان بصفة عامة الغيرة والغريزة التي قلت سابقا أنها تتولد كلما تعرضت حضارة أو سيادة البيظان أو جزء منهم لخطر الخارجي.        
 الآن نعم، نحن الصحراويين موريتانيين، والموريتانيون صحراويون لإن سيادة موريتانيا، بلد حضارة البيظان، تتعرض لهجوم من طرف الرجعيين في مراكش والرباط والمغرب الأقصى عموما. والمشكلة إن محمد زيان هذا الذي احتقر موريتانيا يدعي انه موريتاني ومغربي وأن لا فرق بين الموريتاني والمغربي. إذن، الرجل المذكور إذا ادعى انه موريتاني، بيظاني  فقد " شاف اجلو". 
وأتساءل مرة أخرى وعاشرة، أين ذهب المثقفون البيظان، ولماذا لم ينطقوا؟   
وإذا كان البيظان في الصحراء الغربية أو في موريتانيا يرفضون ويحتجون بقوة على تصريحات المغرب الاستفزازية ضد موريتانيا فإنهم، بنفس القوة، يحتجون على صمت المثقفين، خاصة في موريتانيا، اين يتمتع المثقفون بقدرات ثقافية وعلمية تجعلهم مؤهلين، أكثر من غيرهم، للدفاع عن سيادة البلد أمام الخطر المغربي الداهم. 
في الحقيقة يجب إن لا يغيب عن أذهاننا، ولو للحظة واحدة، أن المغرب سوف لن يتراجع عن أحلامه القديمة إلا بهزيمته على أسوار الصحراء الغربية. فحسب حلم المغرب إن حسم قضية الصحراء الغربية لصالحه، سيمهد الطريق أمامه للتحكم في موريتانيا وتحقيق حلمه أو وهمه السريالي. فالمغرب يُقَدِّر انه لن يقف أي أحد إلى جانب موريتانيا لو حاول المغرب ابتلاعها في المستقبل. ففي المملكة يتم رسم سيناريو وهمي يقوم على بذل كل الجهود الآن لإزاحة صخرة الصحراويين من أمامه ليتوجه إلى موريتانيا. الآن يتوهم المغاربة أن موريتانيا أسهل بكثير من الصحراء الغربية، وأنه إذا كانت الجزائر دعمت الصحراويين ووقفت إلى جانبهم فمن سيقف مع موريتانيا.؟ هذا هو السؤال المطروح في الدوائر الرجعية المغربية، وإجابته – حسب نفس الدوائر دائما- هو أنه لن يقف احد إلى جانب موريتانيا لو حاصرها المغرب. 
الشيء الآخر المهم هو أنه يجب إن لا نبقى نفكر دائما وأبدا في الاحتلال بالقوة والاجتياح العسكري مثلما حدث في الصحراء الغربية. إن السيناريوهات كثيرة والجميع يمكن إن يتصور ماذا يمكن أن يحصل. وإذا كان الصراع في المنطقة في ظاهره هو سياسي فإنه في باطنه، وهذا هو الأخطر والأدهى، هو صراع حضاري يريد تدمير ثقافة وحضارة وروح شعب\ مجتمع اسمه شعب\ مجتمع البيظان. إن الدوائر الرجعية في المغرب تتصور إن عدم قدرة المغرب على ابتلاع المنطقة راجع بالدرجة الأولى إلى عدم قدرته على التمدد ثقافيا، وأن ثقافة البيظان هي حجر العثرة أمام الأطماع المغربية.                     
كاتب من الصحراء الغربية 
sidhamdi@yahoo.es  

1 التعليقات:

la sociedad del bidhan no solo esta en mauritania y el sahara occidental,pues en el sur de marruecos tambien son bidhan y en el sur oeste de argelia e incluso parte de mali. y

إرسال تعليق

 
electronic cigarette review