المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي اول مجلة صحراوية حرة ومستقلة تصدر بمخيمات اللاجئين الصحراويين

31‏/5‏/2012

الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز يراسل ملك السعودية


31-05-2012 
بسم الله  الرحمن الرحيم
(وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ×  إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، صدق الله العظيم  (سورة الحجرات:   الآيات 9 و10)
الأخ الكبير، خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
 أمام حالة الانسداد الكبير في مسار تسوية النزاع الدائرة رحاه في الصحراء الغربية منذ سنة 1975م بين المملكة المغربية والشعب الصحراوي، عبر ممثله الشرعي والوحيد، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو)، وبالنظر إلى بوادر الانزلاق التي ما فتئت تطل برأسها من بين ثنايا الإحباط والحنق المتولدين لدى الشعب الصحراوي بسبب تراجع المغرب عن التزاماته الدولية، خاصة ما يتعلق منها باستفتاء تقرير المصير، وإمعانه في مواصلة قمع المدنيين في المدن الصحراوية المحتلة، قررت أن أخاطب جلالتكم، وأنتم الرجل الراعي لقبلة المسلمين، المؤتمن على بيت الله والعارف، حق المعرفة، بأجر إصلاح ذات البين في ديننا الحنيف، والمدرك كامل الإدراك لمقصد قول خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بأفضل من درجة الصائم القائم، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين).
أخاطبكم لألتمس من جلالتكم التدخل لدى جلالة الملك محمد السادس بالكف عن إطالة أمد النزاع ومعاناة الشعبين الصحراوي والمغربي، والشروع الجاد في التفاوض معنا على أساس الميثاق الذي قطعه والده المرحوم الحسن الثاني على نفسه أمام الله والعالم ووقّعنا عليه معا، بالاحتكام لإرادة الشعب الصحراوي في اختيار مستقبله بكل حرية عن طريق استفتاء حر، ديمقراطي ونزيه، كما ينص على ذلك ميثاق وقرارات الأمم المتحدة.  
جلالة الملك
لقد خاض الشعب الصحراوي، كباقي شعوب المنطقة، نضالا وطنيا ضد الاستعمار الإسباني منذ منتصف الستينيات تحت قيادة ''حركة تحرير الصحراء''، أفضى إلى ارتكاب القوات الاستعمارية مجزرة الزملة التاريخية (يونيو 1970م) بمدينة العيون، عاصمة الصحراء الغربية، وهو الحدث الفيصل الذي بدأ معه العد العكسي لنهاية قرن مظلم من التواجد الأجنبي، ساهم في تسريع وتيرته ميلاد الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ـ بوليساريو (مايو 1973م)، والتي قادت حرب تحرير وطنية شاملة أجبرت إسبانيا، بعد سنوات من الممانعة، على إعلان قبولها القرارات المتتالية للجمعية العامة للأمم المتحدة واستعدادها لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الإقليم خلال النصف الثاني من سنة 1975م.
وقبل أن تقدم على خوض مغامرتها المفاجئة ووضع يدها في يد المستعمر الإسباني (نوفمبر 1975م)، كانت الحكومة المغربية تعبّر في المحافل الدولية عن مواقف مؤيدة لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال. فالمندوب الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة السيد بوطالب، كان قد أكد أمام الدورة الـ25 للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 12 أكتوبر 1970 ''دعم بلاده، رفقة دول الجوار، لحق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير''. وهو الموقف نفسه، الذي أكده، ثلاث سنوات بعد ذلك، ممثل الرباط السيد بنهيمة، يوم 03 أكتوبر 1973 أمام الدورة الـ28 للجمعية العامة، مضيفا ''أن المغرب يعلن دعمه تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية من خلال تقرير المصير''. وقبل ذلك، خلال الدورة  الـ21 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وعلى لسان وزير خارجية المغرب السيد محمد الشرقاوي، أعلن المغرب يوم 13 أكتوبر 1966 أنه ''يدعم استقلال الصحراء الغربية من خلال وضع مستقبلها في أيدي أبنائها وتركهم يقررون، بكل حرية، مصيرهم بأنفسهم''. 
ومهما كان ضغط المعطيات الظرفية الداخلية بالمغرب منتصف السبعينيات، والتي تكون قد دفعت بالأشقاء إلى الانقلاب على تلك المواقف المشرفة والشروع في حملة إبادة بحق شعب صغير يقاسمهم العروبة والإسلام، فإن قرار اجتياح الصحراء الغربية، ينم عن قصر نظر واستصغار لإرادة الشعوب وحقوقها غير القابلة للتصرف في العيش بحرية وكرامة. 
لقد أثبت التاريخ، ويثبت منذ اندلاع النزاع، أن الشعب الصحراوي، مهما كان صغيرا، ظل كباقي الشعوب المكافحة، كبيرا بعدالة قضيته. 
فالمغرب فشل في النهاية في جهوده الرامية لتحريف طبيعة النزاع ومحاولاته تسويق أطروحات مغالطة عن الوقائع على الأرض، ليبقى حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير أسمى من أن يُتجاوَز ويبقى الصحراويون مستعدين، أكثر من أي وقت مضى، لمواصلة مقاومتهم الوطنية حتى تمكينهم من حقهم المشروع في الحرية والاستقلال.
جلالة الملك
ونحن نتوجه إليكم الآن، أملا في نزوعكم المتأصل في السعي للخير وتطلعكم الدائم للنصح به، لا يفوتني أن أثير كريم انتباهكم إلى أن مسألة الحقوق التاريخية التي تشكل حجة المغرب الوحيدة المعلنة لاستمرار احتلاله للصحراء الغربية، كان المجتمع الدولي قد تولى ضحدها أسبوعين قبل الغزو من خلال الرأي الاستشاري الشهير لمحكمة العدل الدولية بلاهاي.
فبناء على طلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ29 وقرارها رقم 3292  (ديسمبر 1974)، أصدرت محكمة العدل الدولية رأيها الاستشاري بتاريخ 16 أكتوبر 1975، والذي يؤكد، بما لا يدع أي مجال للتأويل، في فقرة الحكم النهائية رقم 162 ''إن العناصر والمعلومات المتوفرة لدى المحكمة، لا تثبت وجود أي علاقة سيادة بين إقليم الصحراء الغربية من جهة، والمملكة المغربية والمجموع الموريتاني من جهة أخرى. وعليه فإن المحكمة لم تر أي روابط قانونية من شأنها التأثير على تطبيق القرار 1514 للجمعية العامة للأمم المتحدة، فيما يتعلق بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، خاصة تطبيق مبدأ تقرير المصير عن طريق التعبير الحر والأصلي لسكان الإقليم عن إرادتهم''. 
أكثر من ذلك، وبموجب قرار الجمعية العامة نفسه، تم إيفاد بعثة تقصي حقائق أممية لمعاينة الأمور على أرض الواقع في الإقليم ودول الجوار ومعرفة آراء الصحراويين، وأصدرت تقريرها النهائي بتاريخ 12 أكتوبر 1975،  مؤكدة ''إن الغالبية العظمى من السكان الصحراويين، أو على الأقل ممن التقتهم البعثة، قد عبّروا عن رفضهم التام للمطالب المغربية والموريتانية، وأعربوا عن دعمهم لأهداف جبهة البوليساريو في الاستقلال''.
جلالة الملك
كي لا ينطفئ قنديل الأمل في نهاية النفق، ووعياً منا بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا تجاه مستقبل الشعبين الصحراوي والمغربي، قدمنا تنازلات كثيرة، لكن التنازل الوحيد الذي لا يمكن أن يُطلب منا هو التخلي عن النضال من أجل فرض احترام حق الشعب الصحراوي في استفتاء لتقرير المصير. فالقانون الدولي، الذي يشكّل ضمانة السلم العالمي، يقر بذلك الحق، ويمنح الشعب الصحراوي والشعب الصحراوي وحده، حق اتخاذ القرار فيما يخص الوضع النهائي لإقليم الصحراء الغربية، إن كان بالاستقلال، أو بالانضمام للمغرب أو بأي صيغة أخرى. كما أن مبدأ الممارسة الديمقراطية وروح العصر يقضيان بالاحتكام لصناديق الاقتراع. وقبل هذا وبعده، فالإسلام يحرم مصادرة مال المسلم، أرضه في هذه الحالة، دون موافقته، عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه).
جلالة الملك
إن مبادرة المغرب الأُحادية الجانب، والمتعلقة بمنح الإقليم ''حكما ذاتيا'' تحت السيادة المغربية كصيغة نهائية لحل النزاع، لا تعد، بأي شكل من الأشكال، حلا وسطا ولا تنازلا من طرف المغرب، ولن تساهم في دفع الأمور إلى الأمام بسبب جملة من الاعتبارات أهمها تناقضها المبدئي مع الطبيعة القانونية للنزاع والإقليم، الذي يُعتبر إقليما غير محكوم ذاتيا، بصدد عملية تصفية استعمار غير مكتملة.  فالمغرب، ينطلق في مقاربته تلك من افتراض خاطئ حول امتلاكه السيادة على الصحراء الغربية وهو ما لا تقره الأمم المتحدة، ولا يعترف به أي بلد في العالم. فالنزاع، في جوهره، هو نزاع حول السيادة على الإقليم، واستفتاء الشعب الصحراوي، بالإضافة إلى كونه الطريقة القانونية الوحيدة، هو أيضا الحل الوسط الوحيد بين موقف الطرفين المتنازعين. فالصحراويون، بمعزل عن موقف المغرب أو جبهة البوليساريو، سيقومون بالتصويت لاتخاذ القرار بشأن السيادة بكل حرية.
إننا، في البوليساريو، مازلنا نمتلك الشجاعة، نفس الشجاعة التي تحلى بها الراحل الحسن الثاني حين صرح بلندن (يوليوز 1987م) أنه ''سيكون أول من يفتح سفارة في مدينة العيون، في حال ما إذا صوّت الصحراويون للاستقلال''، لنؤكد لجلالتكم، من جديد، استعدادنا لقبول أي نتيجة يتمخض عنها استفتاء تقرير المصير، بما في ذلك الانضمام للمغرب والتسليم بسيادته على الإقليم، إذا كانت تلك هي إرادة الشعب الصحراوي. لكن الشيء الذي لا نستطيع قبوله، ولا يقبله أي عاقل، هو تقديم خيار وحيد أمام الصحراويين لفرضه عليهم، وفي الوقت ذاته، ادعاء تقديم ''حل وسط''. 
الأخطر، أن المغرب وبالموازاة مع استمرار رفضه استفتاء تقرير المصير، وبغرض تكميم أفواه الصحراويين، يلجأ إلى القيام بانتهاكات ممنهجة وممارسة القمع اليومي وارتكاب الفظاعات بحق المدنيين الصحراويين الذين انخرطوا، منذ مايو ,2005 في انتفاضة سلمية للمطالبة باحترام المغرب لتعهداته الدولية والسماح بتنظيم الاستفتاء. 
تلك الانتهاكات، ليست ادعاءات غير مؤسسة، وإنما حقائق تم توثيقها من طرف مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وغالبية المنظمات الحقوقية الدولية التي تصدر النداءات اليومية المنددة بالقمع المغربي في الصحراء الغربية وتطالب بضرورة توفير حماية دولية للمدنيين الصحراويين. بيد أن المغرب، ومثلما يرفض الاستفتاء لاعتقاده يقينا أن الصحراويين سيصوتون لخيار الاستقلال، فهو أيضا يرفض إعطاء بعثة الأمم المتحدة   ـ مينورسو ـ صلاحية حماية ومراقبة حقوق الإنسان للتحقق من الانتهاكات من عدمها على أرض الواقع. من ناحيتنا، فقد رحبنا، منذ البداية، بمنح بعثة الأمم المتحدة تلك الصلاحية، وأعربنا رسميا عن استعدادنا تسهيل مهمتها دون قيد أو شرط. 
إن اعتراض المغرب على مراقبة حقوق الإنسان يعتبر، في حد ذاته، موقفا كافيا لإدانته، كما أن استمرار القمع داخل المدن المحتلة يجعل الهدنة الحالية أكثر هشاشة، ويُبقي النزاع مفتوحا على كافة الاحتمالات؛ ألم نكن قاب قوسين أو أدنى من حصول الانهيار (نوفمبر 2010) بعد حادثة التفكيك الدموي لمخيم ''أكديم ايزيك'' السلمي، وما رافقها من قمع وقتل واغتصاب واعتقالات تعسفية طالت عشرات الشبان الصحراويين، مازال 23 معتقلا منهم يقبعون داخل السجون المغربية إلى يومنا هذا؟
ومن المؤسف أن هذا التعنت من طرف الحكومة المغربية يطال بتداعياته الخطيرة عشرات الآلاف من اللاجئين الصحراويين الذين شردهم الاجتياح العسكري المغربي لبلادهم، ليعيشوا في ظل ظروف غاية في القساوة، على مدار أكثر من 35 سنة، في مخيمات للاجئين قرب الحدود الصحراوية الجزائرية. إن هؤلاء المسلمين المظلومين المنكوبين، والذين لا ذنب لهم سوى المطالبة بحقوق عادلة ومشروعة، في حاجة ماسة إلى التفاتة إنسانية إسلامية كريمة من جلالتكم ومن بلدكم المملكة العربية السعودية لمواجهة صعوبات اقتصادية واجتماعية متزايدة. 
جلالة الملك 
بالرغم من كل ما سبق، فالشك لا يساورنا أبدا في أن فرصة السلام لا تزال مواتية إذا ما توفر الحد الأدنى من الإرادة السياسية لدى الطرف المغربي للوصول إلى حل عادل ونهائي للنزاع وتضميد هذا الجرح النازف منذ سبع وثلاثين سنة، والذي يؤجل معانقة شعوب المنطقة لمستقبلها المشرق في التعاضد والتآزر على أساس من الاعتراف والاحترام المتبادل. 
إننا نخاطبكم باسم شعب مسلم مقهور، عاني من الظلم والاضطهاد، مع الأسف الشديد، على يد دولة مسلمة شقيقة وجارة، وظلم ذوي القربى أشد مضاضة، لمجرد تشبثه بحق يقره الإسلام وكل الشرائع السماوية والمواثيق والقوانين الدولية. 
لقد كان لأخيكم المرحوم الملك فهد بن عبد العزيز دور كبير في إقناع الملك المرحوم الحسن الثاني بالإنصات لنداءات المجتمع الدولي وقبول استفتاء تقرير المصير، واليوم، نتوجه إليكم بما لكم من حنكة وصدق نية وسلطة معنوية للتدخل لدى جلالة الملك محمد السادس، مقصدكم في ذلك قول المولى عز وجل: (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (سورة هود: الآية 88) من أجل التعاون الصادق والجاد معنا ومع الأمم المتحدة لطي صفحة هذا النزاع، الذي لم يكن ليعمّر طويلا، لو سُمح للصحراويين بيوم واحد من الديمقراطية لتقرير مصيرهم واختيار مستقبلهم بكل حرية. 
وكما قال الإمام الأوزاعي: ''ما من خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة إصلاح ذات البين''.
وتقبلوا، جلالة الملك وخادم الحرمين الشريفين، أسمى آيات المودة والاحترام.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
بئر لحلو في 06 رجب 1433 هـ، 
الموافق لـ 27 ماي 2012م
أخوكم محمد عبد العزيز
الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب 
  رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية

30‏/5‏/2012

اتحاد مغاربي للشعوب


 ماءالعينين لكحل
كثر الحديث مؤخرا عن ضرورة إحياء وإعادة بناء "اتحاد المغرب العربي" بعد أن طال تعثره، غير أن النقاش لازال يتناول كل شيء في هذا الإتحاد، وفي دوافعه، وأهدافه، بل وحتى الأسس التي يجب أن يؤسس عليها. كما أن النقاش طال حتى وجهات النظر حول التسمية الأنسب لمثل هذا الإتحاد. فهل يجدر بالدول الأعضاء أن تغير الإسم ليصبح "الإتحاد المغاربي"، حتى لا يتم إقصاء المكون الأمازيغي في المنطقة؟ وهو الذي يعتبر أحد أهم المكونات الثقافية والإثنية المشكلة للنسيج البشري المغاربي. ثم ما هو الموقف الذي يجب اتخاذه بخصوص الصحراء الغربية؟ هذا البلد المعترف به من طرف الأمم المتحدة كبلد لم تتم تصفية الإستعمار منه بعد، وبه شعب معترف به في قرارات وأدبيات الأمم المتحدة باسم "شعب الصحراء الغربية" أو "الشعب الصحراوي"؟ وما هي الأسس السياسية، والقانونية، والمبادئ الإنسانية العامة التي يجب اعتمادها أساسا لهذا الإتحاد؟ وهل يمكن حقا بناء اتحاد مغاربي يخدم شعوب المنطقة مع اعتماد منطق الإقصاء لشعب وبلد بأكمله، أو لعنصر من العناصر الإثنية أو الثقافية المكونة لإحدى البلدان مهما كانت الأسباب والمبررات؟
كل هذه الأسئلة وغيرها كثير يمكن تلخيصها في سؤال واحد وبسيط، لكنه يحتاج للكثير من التروي والجهد للإجابة عليه من طرف جميع المغاربيين، ويمكن تلخيصه في التساؤل حول ماهية الأسس الصحيحة التي يجب أن نبني عليها اتحادا مغاربيا للشعوب، وليس اتحادا صوريا بقرارات سياسية من الأعلى، أو لأهداف محض اقتصادية؟
لقد كانت فكرة بناء اتحاد يضم دول المنطقة حلما يراود أبناء البلدان المغاربية منذ الاربعينات مع تصاعد وتيرة مقاومة الإستعمار الفرنسي والإسباني، ولكن الظروف لم تكن قط بالنضج الكافي والضروري لتحقيق هذا الحلم خصوصا مع تولي أنظمة تفتقر إلى الشرط الرئيس لبناء أي اتحاد جهوي: البناء الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان وكرامته وحرياته. لهذا تعثرت كل المحاولات، وجاء تأسيس "اتحاد المغرب العربي" سنة 1989 بعملية قيصرية وبقرار سياسي حاول القفز على حقائق ميدانية تقف حجر عثرة أمام تحقيق هذا الحلم، أهمها تغييب الشعوب عن اتخاذ القرار، وفقدان الشرط الديمقراطي في الأنظمة الموقعة على الإتفاق، واستمرار المملكة المغربية بسط سيطرتها على الصحراء الغربية رغم رفض القانون الدولي والأمم المتحدة لهذا الوضع الذي وصفته الجمعية العامة سنة 1979 في قرارها رقم 3437 "بالإحتلال"، إضافة إلى رفض النظام المغربي احترام ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية التي تعترف بالصحراء الغربية كبلد إفريقي تماشيا مع القانون الدولي، وهو ما كرسته في اعترافها سنة 1984 بالجمهورية الصحراوية، والتي هي حاليا دولة عضو كاملة العضوية في الإتحاد الإفريقي مما أنتج تناقضا غريبا في المنطقة حيث أن دول شمال إفريقيا وفقا للإتحاد الإفريقي تشمل الصحراء الغربية ولا تشمل المغرب (فالمغرب ليس دولة عضو في الإتحاد الإفريقي) كما أن الأمم المتحدة تعترف بالصحراء الغربية كبلد "لا يتمتع بالإستقلال" (أي بلد محتل مدرج في لائحة تصفية الإستعمار 1415)، في حين أن "اتحاد المغرب العربي" و "جامعة الدول العربية" لا تعترفان بوجود الصحراء الغربية كدولة ولا بشعبها في تناقض مع الواقع على الأرض.
وبدلا من مواجهة الحقائق كما هي، وتوصيف العوائق الحقيقية أمام بناء هذا الإتحاد، حاول النظام المغربي دائما، ومعه فرنسا وغالبية الدول العربية، إظهار إشكالية الصحراء الغربية على أنها العائق الوحيد لقيام "اتحاد المغرب العربي"، أو "الإتحاد المغاربي" كما نفضل تسميته، وهذا في نظرنا مغالطة كبيرة يجب الإنتباه إليها. فالمشكل الحقيقي الذي يعترض بناء هذا الإتحاد هو أن مؤسسيه لم يعوا على ما يبدو أنه من المستحيل بناء أي اتحاد من هذا النوع على حساب شعب من شعوب المنطقة، وعلى حساب حقوقه السياسية، وحقه في السيادة على أرضه وفي تقرير المصير. هذا الحق المركزي في ميثاق الأمم المتحدة وفي القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، والذي كافحت كل الشعوب من أجل انتزاعه من الإستعمار الغربي خلال الخمسينات والستينات كما كافحت مؤخرا من أجل تحقيقه حتى ضد استبداد الأنظمة في تونس، ومصر وغيرها من بلدان شمال إفريقيا والدول العربية. لهذا فشلت كل المحاولات رغم الضغوط الفرنسية والغربية الكبيرة التي تريد فرض هذا الإتحاد بأي ثمن لغاية مركزية ترمي إلى تشكيل سوق استهلاكي مغاربي كبير يفوق في تعداده المائة مليون نسمة ستشكل، في نظر فرنسا على الأقل، سوقا واعدا ومرتبطا ثقافيا بها بحكم ماضيها الإستعماري في المنطقة ومصدرا حقيقيا لتعزيز اقتصادها، آملة في التمكن من الإستفادة من الأسبقية في استغلال ثرواته الطبيعية الهائلة.
إذا، نعتقد أن غياب شرط احترام ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، وأهم من كل ذلك القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، هي العوائق الحقيقية أمام بناء الإتحاد المغاربي، لأنه بدون احترام هذه القوانين الدولية، وبدون إشراك الشعوب عبر مكوناتها المختلفة والغنية، ثقافيا وإثنيا، في بلورة هذا البناء مع احترام حقوقها، واحترام كرامتها، واحترام سيادتها على ثرواتها وخيراتها الهائلة، التي يجب أن تستغل لصالح الأجيال المغاربية للنهوض بالمنطقة وبالقارة الإفريقية التي يربطنا بها نفس المصير سيبقى بناء الإتحاد مجرد فقاعات إعلامية وشحنات عاطفية تحرك المشاعر أكثر مما ترسم حقائق على الأرض. كما أنه وبدون إدراك الإرتباط العضوي بين الإتحاد المغاربي المأمول مع الإتحاد الإفريقي، سنكون قد أضعنا الوجهة مرة ثانية وحكمنا على حلمنا بالسقوط بين براثن الإستعمار الغربي الجديد الذي يبذل كل جهوده حاليا لإعادة السيطرة على بلدان شمال إفريقيا تحت لبوس اقتصادية وسياسية وحتى ثقافية للإستمرار في التحكم في مصائر الشعوب الإفريقية والعربية.
الإتحاد المغاربي والرؤية الصحراوية
منذ بداية السبعينات كان الشهيد الولي مصطفى السيد، مؤسس جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، المعروفة اختصارا باسم البوليساريو، يقول في خطاباته أن شعب الصحراء الغربية لا يرى لنفسه مستقبلا إلا في إطار "اتحاد مغرب الشعوب"، والذي رأى أنه لن يكون ممكنا إلا بعد أن تنجح هذه الشعوب في التحكم في مصائرها، وأن تنجح في بناء أنظمة ديمقراطية تقدمية تخدم مصالحها، وتدافع عن حقوقها وكرامتها وسيادتها.
ففي خطاب له سنة 1976 قال بالحرف: "لن تستقل الساقية الحمراء ووادي الذهب وتبقى تونس مستعمرة، ولن تستقل الساقية الحمراء ووادي الذهب ويبقى المغرب مستعمراً، ولن تستقل الساقية الحمراء ووادي الذهب وتبقى موريتانيا مستعمرة.. لن تستقل الساقية الحمراء ووادي الذهب إلا بزخم ثوري عنيف في المنطقة يغير تغييرات جذرية ويبني أسسا جديدة في المنطقة"، وكانت رؤيته واضحة في ضرورة توحيد شعوب الدول المغاربية ولكن بعد تحرير إرادتها السياسية والاقتصادية.
كما أن المقاومين والمجاهدين الصحراويين ومنذ 1884 وعبر مراحل متقطعة قاتلوا الإستعمارين الإسباني والفرنسي في الصحراء الغربية، وفي جنوب المغرب، وشمال موريتانيا وجنوب الجزائر، وكان تحرير المنطقة برمتها هدفا ساميا تركوا من أجله شهداء في كل هذه المناطق. غير أن هذا لا يعني أن على الشعب الصحراوي وحده من بين كل الشعوب المغاربية أن يتخلى عن حقه في السيادة على وطنه، وأن يضحي بحقوقه الأساسية ويقبل بسيطرة أي كان، حتى ولو كان ذلك في صالح دولة شقيقة مثل المغرب التي لا تريد من الصحراء الغربية إلا ثرواتها الطبيعية الهائلة في حين لا تريد شعبا صحراويا مالكا لقراره السياسي، وهذا ما أكده رفض القصر الملكي القبول بالتحكيم الأممي الذي يحاول منذ سنة 1991 تنظيم استفتاء ديمقراطي وحر لفائدة الصحراويين للإختيار بين الإستقلال بوطنهم، أو القبول باستمرار السيطرة المغربية عليه في إطار حكم ذاتي أو حتى عبر الإندماج.
إن محاولة بناء اتحاد مغاربي مع تغييب الشعب الصحراوي هو محاولة غير واقعية ولن يكتب لها النجاح مثل سابقاتها لأنه لا يمكن تحقيق اي بناء صحيح على أسس غير ثابتة ومنافية للقانون وللحقوق. كما أن مشكل الصحراء الغربية ليس المعيق الوحيد لقيام هذا الحلم بل هناك عدة عوائق أخرى تستحق الإنتباه والمعالجة قبل التفكير في أي بناء جماعي يربط مصائر شعوب المنطقة سياسيا واقتصاديا كما ترتبط مصائرها وجدانيا منذ قرون.
إن أول هذه العوائق، بل وأخطرها على الإطلاق هو هلامية الحدود الجغرافية المغربية وعجز نظام المملكة العلوية عن بناء علاقات ثقة وسلم ثابت مع كل الدول المجاورة لها. فلقد قامت الممالك المغربية عبر العصور بمحاولات متعددة للتوسع على حساب جيرانها، ولم تكن الدولة المغربية الحديثة مختلفة في ذلك عن الأسر الملكية المغربية السابقة. ففي سنة 1963 حاول الحسن الثاني احتلال الجزء الجنوبي الغربي للجزائر في ما عرف بحرب الرمال، ورفضت الرباط الإعتراف باستقلال موريتانيا طيلة السنوات العشر الأولى من استقلال نواكشوط، ولم يحصل الإعتراف إلا بعد أن اضطر الحسن الثاني لتوقيع اتفاقية ثلاثية مع اسبانيا وموريتانيا لتقسيم الصحراء الغربية وشعبها إلى نصفين سنة 1975 ليشنا معا غزوا عسكريا بدعم فرنسي لهذا البلد، وهو التقسيم الذي نتجت عنه مآس عديدة كان أبسطها تشتيت عشرات آلاف الصحراويين الذين لازالوا يعيشون في مخيمات للاجئين منذ 31 اكتوبر 1975، وتقتيل عشرات الآلاف قصفا بالنابالم، والفسفورالأبيض، وقتلا بسلاح الجيش المغربي، ناهيك عن عشرات آلاف ضحايا الإعتقال التعسفي، والإختطاف، والتعذيب، وبخلاصة مأساة إنسانية حقيقية لازالت مستمرة أمام أنظار الأمم المتحدة وبعثتها المعروفة باسم المينورسو، وأمام أنظار كل دول العالم التي تقف موقف المتفرج رغم أن كل المنظمات الدولية بدون استثناء تؤكد استمرار المغرب في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان دون حسيب.
ما يطلب من الشعب الصحراوي الآن هو أن يقف مرة ثانية على الهامش متفرجا على مآسيه، كي تتمكن المملكة المغربية من حل مشاكلها الإقتصادية والسياسية في إطار اتحاد مغاربي مستغلة ثروات الصحراء الغربية دون وجه حق، فهل يقبل عاقل بمثل هذا الطرح؟ وهل يعقل أن يطلب من الضحية أن تتحمل جريمة مغتصبها بل وأن تقبل بأن تمنحه المزيد بالتخلي عن كل حقوقها وأملاكها ومستحقاتها؟
إن بناء الإتحاد المغاربي لا يمكن أن يتحقق ما لم يمتلك المغرب وكل الدول المغاربية الشجاعة الكافية للإعتراف بأنها قد تمادت في ظلم شعب مغاربي شقيق طيلة السنوات الاربعين الماضية بتركه معلقا بين سندان الإحتلال والقمع اليومي من طرف بلد شقيق، ومطرقة التهميش والتجاهل الذي يعاني منه منبوذا من طرف كل البلدان العربية والإسلامية باستثناء الجزائر وموريتانيا وليبيا التي تعترف ثلاثتها بالجمهورية الصحراوية. وبالنتيجة فلا يمكن تصور أي نجاح لبناء اتحاد مغاربي دون حل قضية الصحراء الغربية وفقا للقانون الدولي، ووفقا لاحترام حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير الذي يريده لبلاده. بعدها يمكنه الإنخراط بكامل إرادته ودون أي إكراهات أو ضغوط في هذا الإتحاد الذي يفرضه التاريخ والجغرافيا كما تفرضه المصالح الإقتصادية والسياسية والثقافية والإجتماعية. عندها فقط يمكن التفكير الجدي في تحقيق تكامل حقيقي لشعوب المنطقة ولما لا التفكير في التخلي النهائي عن السيادة الوطنية للشعوب المغاربية الستة للإنخراط في إطار سياسي، أو دولة فيديرالية كبيرة غنية بمواردها البشرية والطبيعية، وبتنوعها الثقافي، والجغرافي الرائع الذي سيعطيها القدرة على قيادة الإتحاد الإفريقي ولعب دور مركزي في مقابلة الشرق الأوسط وأوروبا وبقية القوى الدولية. عندها سيتمكن مواطنو البلدان المغاربية من التمتع بكل الحريات والحقوق المتخيلة في التنقل والإقامة والعمل والإستثمار والتملك وحق المشاركة في الإنتخابات البلدية وغيرها كما يدعو لذلك الرئيس التونسي المؤقت، المنصف المرزوقي، وسيتمتعون بالكرامة، وبالقدرة على صناعة القرار في وطنهم الكبير والتأثير في العالم كمواطنين أحرار وذوي سيادة.
أما استغلال هذا الحلم البديع الذي يراود مخيلة كل مغاربي من المحيط الأطلسي وحتى مصر لدغدغة المشاعر، وللضغط الظرفي من أجل مصالح اقتصادية لهذا البلد أو ذاك، والتغني بالرغبة في فتح الحدود في الوقت الذي يحافظ فيه المغرب على جدار عسكري بطول 2700 كلم مليء بالألغام ومحروس بأكثر من 120.000 جندي مدجج بالسلاح في الصحراء الغربية عازلا نصف الشعب الصحراوي عن نصفه الآخر طيلة عقود، فهذا مجرد ضحك على الذقون، واستغفال جديد للعقل المغاربي الذي آن له أن يثور، وأن يبدأ ثورة جديدة تعلن لجميع الحكام أن الشعب يريد معرفة الحقيقة، ويريد التعرف على حجم ثرواته، وحجم إمكانياته، ومن يسيطر عليها ولماذا. وبعد تفكيك جدار العار هذا الذي يشوه الصحراء الغربية، وبعد تحرير هذا الشعب الصغير من الإهانة ومن سلب حريته، عندها يحق لكل الشعوب المغاربية أن تطالب بالوحدة في إطار حقيقي يمثلها ويعكس آمالها وتطلعاتها.

29‏/5‏/2012

القضية الوطنية في الصحافة الدولية


متابعة ميشان ابراهيم أعلاتي 
حصاد الصحافة لهذا الأسبوع ( من 21 إلى 27 ماي 2012 ) ... رصد لكل ما تناولته الصحافة العربية و الدولية عن القضية الصحراوية ...
البداية من الصحافة الجزائرية وبالضبط من وكالة الأنباء الجزائرية :
الرئيس الصحراوي السيد محمد بعد العزيز  يصف قرار سحب الثقة من المبعوث الأممي من طرف المغرب "بالأمر غير المؤسس و لا مبرر له" 
ـ جريدة الخبر نشرت تقرير مفصل تحت عنوان :
مواقفه لم تعجب المخزن وتقاريره فضحت الرباط
المغرب يعلن الحرب على كريستوفر روس
التقرير ضم 3 لقاءت صحفية مع كل من الباحث بجامعة ''لييج'' البلجيكية الدكتور حمدي الكروي ولد السالك الذي قال أن ''المغرب يدفع البوليساريو إلى حمــل الســـلاح ''
والأستاذ  بجامعة ''أوروماد مارسيليا''، الدكتور يحي الزبير، والذي صرح لـ''الخبر'' قائلا : 
''أستبعد نجاح المغرب في إزاحة روس'' 
وأخيرا الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية الصحراوي محمد يسلم بيسط  والذي قال لـ''الخبر'' أن ''المغرب يريد تفجير المنطقة ورحيل روس لن يوقف المقاومة'' 
ـ من جهتها صحيفة الشروق الجزائرية كتبت : 
الجزائر ترد على تصريحات رئيس الحكومة المغربي
كما نشرت أيضا مقال تحليلي للكاتب الجزائري عابد شارف بعنوان : أسرار الحرب المغربية على مبعوث الأمم المتحدة في الصحراء الغربية.
ـ في حين كتبت النصر الجزائرية :
اعتبر سحب المغرب ثقته من المبعوث الأممي ارتباكا للقوى الاستعمارية
الرئيس الصحراوي يدعو إلى تصعيد الانتفاضة ضد الاحتلال
ـ و بجريدة الجزائر نيوز نطالع خبر بعنوان :
ندوة دولية اليوم لدعم القضية الصحراوية.. 30 منتخبا من الصحراء الغربية بالجزائر
كما نطالع ايضا بنفس الجريدة حوار من موسكو مع  أعلي سالم فاضل (ممثل الجمهورية الصحراوية في روسيا) و الذي أكد من خلاله على أن الحكومة الفرنسية السابقة كانت أكبر معرقل لمسارات إيجاد حل لقضيتنا...
ـ و بجريدة الرائد نقرأ :
ـ خلاد حسنة يحتج على سوء المعاملة
معتقل سياسي صحراوي يخوض إضرابا مفتوحا عن الطعام
ـ كما نطالع ايضا خبر أخر بعنوان : الأمين العام لجبهة البوليساريو، محمد عبد العزيز:
سحب المغرب الثقة من روس يعكس "ارتباك وإخفاق" مشاريع الاستعمار في الصحراء الغربية
ـ وخبر أخر يقول : ردا على التقرير المغربي المقدم لمجلس حقوق الإنسان الأممي
اللجنة الصحراوية للدفاع عن تقرير المصير ترفع تقريرا موازيا للمجلس
ـ ونقرأ بجريدة الفجر خبر بعنوان :
الأمم المتحدة وواشنطن مازالتا تدعمان روس
19 منظمة صحراوية ودولية تفضح انتهاكات المغرب في الصحراء الغربية.
ـ في حين كتبت جريدة المساء : 
قلق أمريكي حول انتهاكات حقوق الإنسان في المدن الصحراوية المحتلة
واشنطن تجدّد دعمها لجهود كريستوفر روس
ـ كما نطالع أيضا تصريح للسفير الصحراوي إبراهيم غالي لجريدة المساء على هامش  توقيع ثماني اتفاقيات توأمة بين مدن جزائرية صحراوية إذ يقول فيه : موقف المغرب بسحب الثقة من روس متهور .
ـ اسبوعية المحور الجزائرية كتبت :
جبهة البوليساريو تدعو فرنسا إلى الاعتراف بحقوق الصحراويين
وفي خبر اخر لنفس الجريدة نقرأ الرئيس الصحراوي: " فرنسا تتحمل مسؤولية فشل جهود حل القضية الصحراوية " ..
ـ و بجريدة المجاهد الناطقة بالفرنسية نطالع :
واشنطن "تدعم جهود" كريستوفر روس ..
ـ من جهتها جريدة الوطن الناطقة بالفرنسية تطالعنا بحوار مع بابا مصطفى السيد مدير مركز الساقية الحمراء ووادي الذهب للدراسات الإستراتيجية يقول فيه : "ملك المغرب يعيش على وقع الحراب" ..
أما عن الصحافة العربية الأخرى فنطالع في جريدة القدس العربي :
قرار المغرب رفض المبعوث الأممي في الصحراء الغربية بين تفهم باريس وقلق واشنطن وتحفظ مدريد وتيهان الأمم المتحدة ..
و بصحيفة الملتقى نقرأ :
السعودية تنتهج "دبلوماسية التمور" في تعاطيها مع نزاع الصحراء الغربية… والمغرب لا يشعر بالارتياح .. 
ـ جريدة الوفد المصرية كتبت :
الخارجية الجزائرية ترد على  تصريحات رئيس الوزراء المغربي " عبد الاله بن كيران "  التي أدلى بها لجريدة " البايس " الاسبانية و تقول: قضية الصحراء الغربية مسئولية أممية ..
ـ بصحيفة إيلاف الإلكترونية نطالع : 
البوليساريو تدعو فرنسا الى الاعتراف بحقوق الصحراويين
موقع لكم المغربي نشر مقال تحليلي بقلم علي أنوزلا تحت عنوان: 
ماذا بعد سحب المغرب ثقته من كريستوفر روس؟
المقال يفضح إفتراءات النظام المغربي ودور الأحزاب ووسائل الاعلام الدائرة في فلكه .. 
ويتساءل صاحب المقال :
ـ لماذا لم يعبر أي منهم ـ ويقصد الأحزاب والإعلامين ـ عن هذا الموقف أو على الأقل يحذر منه قبل أن يصدر عن الحكومة؟! مع العلم أن الرجل ظل لأكثر من ثلاث سنوات وهو يدير الملف، وعقد تسع جولات من المفاوضات غير الرسمية، فأين كانت الأحزاب والبرلمان والإعلام الذي ينتقد اليوم كريستوفر روس ويتهمه بالتحيز؟!
ـ لماذا لم يتم الانتباه إلى تحيزه المزعوم طيلة الفترة الماضية، أم كان يجب أن ينتظر الجميع حتى تصدر المواقف الرسمية ليتبعها الجميع يرددها ورائها برلمانا وأحزابا وإعلاما كما كان يحصل في السابق ومازال يتكرر إلى يومنا هذا؟.
ويضيف صاحب المقال :
إن ما يحدث اليوم ليس بجديد، وإنما هو تكرار لنفس سيناريو أخطاء التدبير الأحادي للملف، وللقرارات المرتجلة التي تتخذ في دهاليز السلطة ويطلب من الجميع تبنيها والدفاع عنها، ومتى اتضح عدم صوابها يطلب من الجميع التخلي عنها وانتقادها من دون طرح السؤال حول المسؤول عن اتخاذها. ( مقال يستحق القراءة ) ..  
ونطالع في خير أخر لموقع لكم : المغرب في قفص الاتهام أمام مجلس حقوق الإنسان ..
و في قصاصة أخرى : الجزائر ترفض محاولات المغرب 'الزج بها' في ملف الصحراء الغربية ..
ـ من جهته موقع المصراوي ووكالة الانباء الفرنسية كتبا :
واشنطن ما زالت تدعم كريستوفر روس
و بالقسم العربي لوكالة الانباء الفرنسية نقرأ : 
البوليساريو تدعو فرنسا إلى الاعتراف بحقوق الصحراويين.
وكالة أوكرانيا بريس الناطقة بالعربية كتبت :
أوكرانيا قلقلة على حقوق الإنسان في المغرب والصحراء الغربية و تتساءل عن الأسباب التي تدفع المغرب لرفض توسيع صلاحيات بعثة "المينورسو" في الصحراء الغربية ..
ومن الصحافة العربية إلى  الصحافة الناطقة بالاسبانية :
فنبدأها من إذاعة إفوكس الإسبانية:
 خصصت حلقة من برنامج "سيروكو ليبيرتاريو" لمناقشة عطل السلام الصيفية الخاص بأطفال الصحراء الغربية .. البرنامج الذي امتد على مدار 60 دقيقة تناول بالنقاش و التحليل كيفية تنظيم العطل الصيفية و مدى تأثير الأزمة الإقتصادية على هذه العطل .
ـ في حين قامة إذاعة فاسكو الباسكية: التي تبث برامجها لأمريكا الجنوبية والشمالية والجمهور الأميركي. وتبث معظم البرامج باللغة الاسبانية واللغة الباسكية بتخصيص أحد برامجها للتعريف وكما قالت بمحنة الصحراويين، الذين يعيشون الآن في مخيمات اللاجئين قرب تيندوف الجزائرية، وذلك من خلال التطرق للفيلم الوثائقي أبناء القيوم الذي جسد بطولته الممثل الإسباني خافيير بارديم، وتضيف الإذاعة بأن هذا النزاع يعد واحد من الصراعات المنسية في العالم.
وقد نشرت أيضا تقرير مكتوب على موقعها الإلكتروني مرفق بالمادة الصوتية ..
و بجريدة البايس نطالع مقال للصحفي إغناسيو سيمبريرو العائد مؤخرا من المخيمات بعنوان  :
الصحراء الغربية أما م الصمت المذهل للحكومة الإسبانية .
المقال يتناول ردود الفعل الدولية حيال قرار المغرب سحب الثقة من روس، في حين يقول الكاتب أن الخارجية الإسبانية إلتزمت الصمت المطبق تجاه هذا الحدث مثلما ما تفعل دوما مع قضية الصحراء الغربية.
جريدة أي بي سي التي نشرت مقال بعنوان : 
الصحراء الغربية: الحلم يمضي إلى الأبد .. 
المقال عبارة عن تقرير يرصد واقع حياة اللاجئين الصحراويين و يتخذ من مخيم ولاية الداخلة نموذجا، ويقول لويس دي فيغا  كاتب المقال أن هذه الحالة التي تميزها صعوبة الظروف الطبيعية و إنعدام أبسط مقومات الحياة ظلت قائمة على ما يقرب من أربعة عقود من الزمن بسبب الإحتلال المغربي .
كما نطالع أيضا في نفس الجريدة خبر بعنوان :
الصحافي إغناسيو سيمبريرو مؤلف كتاب "أسرار الأزمة بين اسبانيا والمغرب"، يقول أن المغرب  يعد بمثابة "الثقب الأسود الكبير" بسبب إنتهاكه لحرية التعبير في الصحراء الغربية إلى درجة أصبح ينظر إلى الإعلاميين الجانب على أنهم ينفذون أجندات ل "جهات خارجية" أو " للأعداء" بحسب تعبيره ... 
و بصحيفة قوين قوين بالي نقرأ : 
لماذا كريستوفر روس .. 
الموضوع عبارة عن مقال تحليلي يتناول الأسباب و الخلفيات التي جعلت المغرب يسحب ثقته من كريستوفر روس و يعتقد صاحب المقال أن السبب الرئيسي هو خشية الممكلة المغربية من زيارة روس للمنطقة التي كانت ستكشف المستور وتفضح الإنتهاكات المغربية لحقوق الإنسان بالصحراء الغربية ...
صحيفة الكوريو و جريدة الكوميرثيو كتبتا :
بان كي مون يجدد "ثقته الكاملة" في كريستوفر روس كمبعوث و ممثل شخصي إلى الصحراء الغربية ..
صحيفة إينير سيتي بريس تكشف التناقض المفضوح للدبلوماسية الإسبانية إذ نشرت :
الكاتب العام لوزارة الخارجية الإسبانية، غونثالو دي بينيتو يعطي إجابات مختلفة عن الصحراء الغربية إذ صرح أمام الصحافة و باللغة الإسبانية أن إسبانيا و بإعتبارها من مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية فإنها تساند جهود الأمم المتحدة التي ثقته في روس كممثل خاص لللأمين العام بالصحراء الغربية، في حين انه صرح لصحفي مغربي قائلا أن إسبانيا قد اجتمعت مع وزير مغربي في وقت سابق وتدارسا القضية عن كثب، وتأمل في الحصول على حل يرضي المملكة المغربية ..
جريدة كي و جريدة ديار يو دي ما يوركا كتبتا :
رئيس الوزراء الصحراوي، عبد القادر الطالب عمر، جبهة البوليساريو مستعدة "للتضحية بمقاتليها " لتحرير المتعاونين الاسبان .. 
و بجريدة الديا نقرأ :
الصحراء الغربية : الحزب الاشتراكي لا يدعم بما فيه الكفاية قضية  الصحراء الغربية، 
وتضيف الجريدة في صدر المقال: الشعب الصحراوي و المتعاطفين الإسبان غير راضيين عن كيفية تعاطي الحزب الاشتراكي مع القضية الصحراوية إذ ترك جانبا مسألة الصحراء الغربية خاصة إبان  الفترة التي كان الحزب الاشتراكي في السلطة.
ـ صحيفة تييرا كوم كتبت : 
النزاع في الصحراء الغربية يتجه إلى طريق مسدود ..
ـ وبجريدة لانفور ماثيون نطالع:
تصريخ لوزير التعاون الصحراوي البخاري احمد يقول فيه :
"الهدف المغربي من سحب الثقة روس ليس قطع رأس عملية التفاوض فقط ، ولكن أيضا القضاء على الجهد التاريخي الذي بذلته الأمم المتحدة"
كما نطالع أيضا : المنظمات غير الحكومية الصحراوية في العيون، تندد بسحب الثقة روس.
ـ وكالة يورو نيوز كتبت : 
جبهة البوليساريو مستعدة للافراج عن عمال الاغاثة المختطفين ولو بإستعمال القوة .
ـ و بموقع جينيرا ثيون كوم و صحيفة لا رازون: 
نطالع مقال الصحفي. المحلل الدولي  ريكاردو سانشيز بعنوان : عدم اليقين في الأمم المتحدة، 
المقال يتناول بالتحليل الخلفية السياسية في سحب الثقة من روس وردة فعل الأمم المتحدة.
موقع تير ثيرا إنفورماثيون و قناة أر تيفي نشرا موضوع بعنوان : 
جبهة البوليساريو تصف قرار الرباط بسحب الثقة من لروس ب" التعسفي" و تعتبره تحدي للمجتمع الدولي ..
و بجريدة دياريو سور نطالع :
جبهة البوليساريو تعتبر أن رفض الرباط لروس هو تعبير عن "فشلها"
صحيفة صوت لانثاروتي كتبت :
" حركة التضامن مع الصحراء الغربية في لانزاروت : لا يمكن أن نسمح بنسيان نضال الصحراوين"
ـ و بجريدة برينسا لاتيني الكوبية نقرأ : 
اسبانيا تعتمد النهج الحذر في تعاطيها مع تطورات النزاع في الصحراء الغربية .. 
ومن الصحف الإسبانية ننتقل إلى وسائل الإعلام الناطقة بالفرنسية :
صحيفة دوني تونافي كتبت :
الصحراء الغربية: "ان هذا القرار لا أساس لها وغير مبررة من قبل المغرب"
وفي خبر أخر : الخارجية الأمريكية تدعم كريستوفر روس.
موقع وكالة إكوفيين  :
تصاعد التوتر بين المغرب والأمم المتحدة ...
ومن الصحافة الناطقة بالفرنسية إلى الصحافة الناطقة بالإنجليزية :
ونبدأها من قناة سي أن بي سي الأمريكية التي نشرت تقرير بعنوان :
خابير بارديم يعرف بمحنة الصحراويين من خلال فيلم وثائقي ..
ونطالع في موقع  نيوز تايم افريكا :
تقرير منظمة العفو الدولية ينتقد المغرب بسبب الانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية .. ويختم التقرير بالقول أن الممثل بارديم سيحالو عرض الفيلم أما البرلمان الأوروبي يوم 29 مايو الجاري.
ننتقل إلى الصحافة الهولندية إذ نشرت اذاعة هولندا العالمية تقرير مطول عن نزاع الصحراء الغربية بعنوان : 
نزاع الصحراء الغربية .. يسير على المحك ..  
و بصحيفة لات الفنزويلية نطالع موضوع بعنوان :
البوليساريو مستعدة لاطلاق سراح عمال الاغاثة المختطفين ولو تطلب الأمر إستعمال القوة .
كان هذا عرض ملخص  لأهم ما تناولته الصحافة العربية والدولية خلال هذا الأسبوع عن تطورات القضية الوطنية .. 

رسالة مفتوحة الى السيد فرنسوا اولاند رئيس الجمهورية الفرنسية

العيون 28.05.2012
فخامة الرئيس 
يسرنا نحن الفعاليات الحقوقية الممضية اسفله وبمناسبة إنتخابكم رئيسا للجمهورية الفرنسية أن نتوجه إليكم بتهانينا الحارة و تمنياتنا لكم بالنجاح في الإضطلاع بالمهام السامية الموكولة اليكم. 
اننا على ثقة بأن رئاستكم ستُعزز قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، قيم فرنسا العليا، لتحقق للعالم السلام والعدل المنشودين .
السيد الرئيس 
يعد الوضع في الصحراء الغربية بموجب قوانين النزاع المسلح وضع احتلال ، فبتاريخ 31 من اكتوبر 1975، تعطلت مسيرة التنمية بالمنطقة ، وامتلأت القلوب غيظا وكراهية، بسبب غزو المغرب للاقليم وما ارتكبته قواته من انتهاكات صنفت ضمن خانة جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية كانت تهدف الى ابادة الشعب الصحراوي.
كل المشاريع التنموية اذن شلت بالاقليم .
ان وجود المغرب بالاقليم غير قانوني تماما كما هو الشان بالنسبة للانشطة المقامة على اراضينا غربي الجدار الذي تم بناؤه رغما عنا .
لم نوافق يوما السيد الرئيس على النهب الذي تتعرض له ثرواتنا الطبيعية بشكل ممنهج ، المغرب يسلب الفوسفات ، الرمال ، وثروات معدنية تماما كما يفعل بالنسبة لثرواتنا السمكية بتواطؤ مع اطراف دولية .
اننا لانطالب سوى باستشارة تمر عبر استفتاء .
السيد الرئيس 
اننا نناضل منذ العام 1975 ، مدن الاقليم ومناطق جنوب المغرب والمواقع الجامعية هي مسرح لمظاهرات سلمية مطالبة بالحقوق الاساسية وعلى رأسها الحق في تقرير المصير ، لكن قوات الشرطة والقوات المساعدة لها وقوات الجيش تنتشر لتحاصر المناطق الاهلة بالسكان المدنين تتصدى للمتظاهرين بالعنف ، ويتم الزج بالعديد من النشطاء في السجون انتقاما من انشطتهم الرامية لفضح الانتهاكات التي ترتكبها القوات الامنية والعسكرية بحق المدنيين الصحراويين . 
وفي خريف العام 2010 كانت رسالة الصحراويين اقوى حين تجمع اكثر من عشرين الف مواطن صحراوي في مخيم بمنطقة اكديم ايزيك بالضاحية الشرقية لمدينة العيون ، احتماءا من قمع السلطات المغربية وانتهاكها لحقوقهم السياسية والاقتصادية و الاجتماعية والثقافية . لكنها ايضا رسالة تنبيه الى المجتمع الدولي 
و كما تعلمون بان تدخل الجيش المغربي بطائراته و الياته العسكرية ضد الاف المدنيين اغلبهم من النساء ، الاطفال ، و الشيوخ كان عنفا غير مبرر . 
ان المفاوضات التي دارت بين لجنة منتخبة عن النازحين والسلطات المغربية لمدة شهر كامل سبق تاريخ الثامن من تشرين الثاني نوفمبر 2010 ، لم تكن الى محاولات رجال السلطة المغربية رشوة الوسطاء المنتخبين من لدن نازحي مخيم اكديم ايزيك .
ان الطابع الشرعي والسياسي لمطالب النزحين يؤطرها القانون الدولي لحقوق الانسان ، والعهود والاتفاقات الدولية التي يعتبر المغرب طرفا فيها لكنه وللاسف لم يضع لها اعتبارا . 
لم يمر العام عن تلك الاحداث الاليمة وبمدينة الداخلة جنوب الاقليم قتل مواطنان صحراويان واصيب المئات بجروح في احداث خطيرة ، اججتها السلطات بتحريضها للمقيمين باحد الاحياء التي تمونها وتمولها ضد المدنيين الصحراويين ، بعد تلك الاحداث الدموية لم تقم سوى بمعاقبة نشطاء لم يعرف عنهم سوى نشاطهم المدافع عن حقوق الانسان .
السيد الرئيس 
ان الموقف الفرنسي المؤيد لمساعي المغرب الغير مشروعة لفرض الامر الواقع , يبنى على أنقاض ملف حقوق الإنسان , بل سيبنى على أشلاء الشعب الصحراوي , ويعتبر نموذجا فريدا مناقضا لمبادئ الثورة الفرنسية و لمبادئ العهود الدولية لحقوق الإنسان و لمعايير الاتحاد الأوربي وما تتضمنه من قيم تحمي الإنسان وتصون حقوقه . إضافة إلى أن ما يمارس من سياسة فرنسية في هذا المجال , بدعم الأنظمة الأمنية والتغاضي عن ما تفعله بشعوبها وشعوب جيرانها , يشكل تأسيسا لثقافة شعبية تنتج عداء وكراهية بين الامم .
اننا السيد الرئيس نامل في وصولكم الى سدة الحكم في بلدكم ، الى الوقوف الى جانب الشرعة الدولية ، والضغط على المملكة المغربية للسماح للشعب الصحراوي من حقه في تقرير مصيره بكل حرية وديمقراطية . 
كما نامل بان لاتكون فرنسا عقبة امام توسيع صلاحيات بعثة الامم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية لتشمل مراقبة حقوق الانسان والتقرير عنها .
ان معاناة الصحراويين لن تكتمل الا بالكشف عن مصير اكثر من 500 مختطف مجهول للمصير لدى الدولة المغربية و151 اسير حرب صحراوي واطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين الصحراويين .
السيد رئيس الجمهورية الفرنسية ، على امل اخذكم ملاحظاتنا وانشغالتنا 
تقبلوا فائق الاحترام والتقدير
* لجنة الدفاع عن تقرير مصير شعب الصحراء الغربية 
* لجنة دعم مخطط التسوية الاممي وحماية الثروات الطبيعية 
* الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان المرتكبة من طرف الدولة المغربية 
* الجمعية الصحراوية لحماية ونشر الثقافة والتراث الصحراوي 
* تنسيقية اكديم ايزيك 
* منتدى المستقبل للمراة الصحراوية 
* المرصد الصحراوي للطفل والمرأة 
* لجنة امهات المختطفين 15 
العيون / الصحراء الغربية
28.05.2012

28‏/5‏/2012

ارحمونا الله يرحمكم ويرحم والديكم ..


عبداتي لبات الرشيد 
".. شعب كاتلوا أشحم .."*
* وزير وقيادي بارز سابق وحالي ولاحق إن شاء الله
"إهداء ... إلى وزراء صاحب الفخامة .. إلى أعضاء الأمانة الجديدة القديمة الى أعضاء الحكومة الجديدة القديمة .. إلى الحزّارين والمنافقين والصفّاقين والخوافين والشّكامين والمنبطحين والمبطوحين .. إلى الذين خيبوا آمالنا وضيعوا أحلامنا .. إلى الذين شيدوا البنيان بعيدا عن مخيماتنا التعيسة وهجروا وجنسوا وأبعدوا عائلاتهم بعيدا عن وجوهنا المحترقة .. إلى الذين كذبوا وكذبوا وكذبوا ومع ذلك انتخبناهم لأنهم وحدهم القادرون على أن يكذبوا مجددا ودوما ...  هذه "الخربشة" أيضا هي "في خاطر" الهمّازين الّلمازين الذين خوّنوني وسمحوا لأنفسهم تخوين وتشويه والتضييق نفسيا على الذين خاطروا بسمعتهم وصحة عقولهم من اجل نقل معاناة الناس البسيطة المقهورة و"المحقورة" والمخدوعة في آمالها وأحلامها دون نفاق ولا مجاملات الى مسؤولين لا يبالون وعالم لا يكترث .. ومع ذلك سنستمر في نقل الحقيقة، الحقيقة وكفى بالله شهيدا .." 
في لحظة شباب طائشة فكرت ذات يوم بأنني أصلح أن أكون مواطنا يطارد الحقيقة في بلد سأكتشف فيما بعد أن الضحية الأولى والأخيرة فيه هي هذه التي اسمها "الحقيقة"، غير أن ذلك التفكير الطائش منحني فرصة التعرف في أكثر من مرة، عن طريق الصدفة أحيانا والفضول وحب الاستطلاع أحيانا أخرى إلى العديد من هؤلاء الذين يجلسون منذ أن فتحت عيني على الدنيا قبل أن أعرف أنهم كانوا يجلسون قبل ميلادي وميلاد كثيرين من أبناء جيلي على كراسي هذا الحكم وربما سيستمرون في الجلوس، نفس الجلوس على نفس الكراسي وفي نفس المكان سنوات أخرى من الزمن إلى أن يرث الله الروح والبدن كما سيرث أرواحنا وأبداننا جميعا والتراب التي منها خلقنا وعليها نعيش والكون الذي من حولنا ذات يوم. 
واحدة من تلك الفرص التي لا أراها ثمينة سمحت لي بالتعرف إلى شخص من هؤلاء الذين نسمع عنهم في الإذاعة والتلفزيون ونراهم في الندوات والمؤتمرات، واحدا من هؤلاء الذين يمرون علينا يوميا ونحن واقفون على قارعة الطريق ننتظر حظنا من المحسنين لننتقل من مكان إلى مكان في مخيماتنا البسيطة، في ذلك اليوم تعرفت إلى شخص من المسؤولين الكبار الذي كنت قد سمعت عنه وعن تاريخه الكثير، كان في غاية الأدب حين سلم علي قبل أن يقول بهدوء مشوب بالحذر أنه يعلم عني أنا أيضا الكثير وأنه يقرأ مقالاتي وأن أكثر ما يحيره في شخصي وفي الكثير من الشباب هو الإحباط والتشاؤم وقلة الشجاعة التي تطبع سلوكياتنا دوما، ليمتد التوبيخ الصريح بعد ذلك الى الشعب بأكمله بشبابه وشيوخه وحتى مراهقيه وأطفاله حين قال انه أي هذا الشعب بخير و"انو ألي ما عاجبوا الحال ألا كاتلوا أشحم" و"ماهو حامد نعمتوا إلين يمرقها" .. ولأنني واحد من هذا الشعب "كاتلني أشحم وماني حامد نعمتي" سأحاول أن أطمئن الوزير من خلال بعض الأرقام والتفاصيل البسيطة ليتأكد الى أي حد نحن فعلا شعب "كاتلوا أشحم وماهو حامد نعمتوا إلين يمرقها".
وقعت بين يدي بالصدفة دراسة أنجزها مؤخرا احد المراكز الإعلامية هنا في المخيمات، الدراسة تكشف ودون قصد وبالأرقام المخيفة التي استنتجتها شخصيا من نفس الدراسة عن إجابة الذين شملهم البحث، إجابتهم عن سؤال محدد وبسيط، هل أنت او أنت – بكسر التاء- أعزب او متزوج، مجرد سؤال من ضمن عشرات الأسئلة التي تضمنتها تلك الدراسة والتي لا علاقة لعنوانها بالجزئية التي استخلصتها شخصيا من إجابة المشاركين على ذلك السؤال والتي سأتحفكم وأتحف السيد الوزير بها ليعرف ويتأكد رسميا ونهائيا الى أي درجة نحن فعلا شعب "كاتلوا أشحم وماهو حامد نعمتوا إلين يمرقها".
هل أنت او أنت – بكسر التاء – متزوج او أعزب، وصدقوا أو لا تصدقوا أن 90 % من الذين أجابوا عن ذلك السؤال المحدد والبسيط رجالا ونساء غير متزوجين، عزّاب "متسكّحين"، 90 % يا ناس، ولكم أن تتخيلوا أن من بين هذه النسبة المخيفة من تجاوز سن الأربعين ولم يتزوج ولكم أن تتخيلوا – تخيلوا فقط- حتى لا أصيبكم بهاجس الخوف أن هذا الشعب قد يكون مهددا بالانقراض فعلا بعد اقل من خمسين سنة إذا ما كانت تلك النسبة شاملة وواقعية او حتى قريبة من الواقع، 90 % من الذين شملتهم الدراسة وأنا واحدا منهم غير متزوجين، عزاب "متسكّحين" الى اجل غير مسمى، .. يا سيدي الوزير .. إسمح لي أن أقول لك وبكل صراحة ووضوح أن أغلبية هذا الشعب المسكين الذي تتحدث عنه و"ألي كاتلوا أشحم وماهو حامد نعمتوا إلين يمرقها" وأنا واحد منهم أصبح يحسد الإبل والغنم وحتى الفئران والصراصير لأنها قادرة على ممارسة هذه الحالة البيولوجية والفطرية "التناسل والتكاثر" دون عوائق ولا صعوبات بالقرب منا وحتى داخل خيمنا وتحت جدران بيوتنا.  
نسبة مشابهة او تقارب يا سيدي تتعلق بحالات الطلاق فالمحظوظين الذين يتزوجون سرعان ما يعودون الى حياة العزوبية و"التسكّح" لأنهم سيكتشفون أنهم وبدل أن يدخلوا الأقفاص "الطينية" معززين مكرمين سيدخلونها "شحّاتين"، "طلاّبين، مادّين ايديهم" والسبب حسب رأي "حكومتك" و"أمانتك" هي الظروف الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية والمناخية "الاستثنائية" التي "نمر بها"ولا احد يا سيدي يرغب في أن تمتهن كرامته وكرامة زوجته وكرامة أبناءه أكثر من ذلك.
على ألسنة الناس تروى هذه الأيام تفاصيل مثيرة عن جلسة وقعت أطوارها بإحدى المحاكم بطلها شاب وشابة تزوجوا على بركة الله وسنة رسوله وبعد أن أنفق ذلك الشاب كل الذي يملك والذي لا يملك في سبيل ذلك الزواج وبناء منزلا من اجل العائلة الصغيرة اكتشف أن زوجته تريد الطلاق، لماذا؟، ارجوا أن تسال زميلك وزير العدل لتعرف يا سيدي الى أي درجة نحن فعلا شعب "كاتلوا أشحم وماهو حامد نعمتوا إلين يمرقها".
نسب أخرى يا سيدي سأتحفك بها وأرجوا أن يتسع صدرك وصدر زملائك و"خلونا انفشوا اطعاين" بالحديث عن ما بداخلنا على الأقل، البطالة وما أدراك ما البطالة أكثر من 70 % من الشباب بطّّالين "أمسندين لحيوط " ولن أخوض في التفاصيل لأنها دائما وأبدأ حسب رأيكم بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية والمناخية "الاستثنائية" التي "نمر بها".
 نأتي الى الأمراض ولن استعمل رقما هذه المرة لأن الأمر مخيف فعلا لكن تصوروا معي كم مواطنا منا صغيرا كان او كبيرا "كاتلوا أشحم ولاهو حامد نعمتوا" غير مصاب إما بالسكري أو بضغط الدم أو بالسرطان أو بالكلى آو بأمراض القلب والرئة والسل والكبد والحساسية وضيق التنفس ودعك من الأمراض دائمة الحضور في حياتنا التعيسة كالحمى والأنفلونزا و الصداع والإسهال والإمساك والمعدة وضعف وفقدان البصر وسوء التغذية والآنيمياء وحتى الأمراض الجلدية والجنون والأمراض النفسية وانعدام الثقة في النفس والإحباط و"أطياح المعنويات" وعدم "القدرة" وعدم وعدم وعدم .. ولن أخوض في التفاصيل لأنها دائما وأبدأ حسب رأيكم بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية والمناخية "الاستثنائية" التي "نمر بها".
هل تريد نسب أخرى .. إذا إليك .. لا توجد أرقام يا سيدي لأنه ومع الأسف ليس لدينا مراكز دراسات محلية حتى نعتمد عليها في القراءة والتحليل من اجل الناس وللأسف نحن أيضا غير مصنفين إقليميا ولا دوليا حتى تشملنا إحدى الدراسات التي تنجزها مؤسسات مستقلة حتى نعتمد عليها في القراءة والتحليل من اجل الناس دائما .. مع الأسف .. ولكنني متأكد أن آلاف المواطنين "ألي كاتلهم أشحم" بدون مأوى والذين بمأواهم إما متصدع أو آيل للسقوط، يعني آلاف المواطنين "ألي ماهم حامدين نعمتهم" معرضين لسقوط بيوتهم الطينية على رؤوسهم، مئات التلاميذ يتسربون من المدارس سنويا والى أين؟ الى الشارع والبطالة و"التّركال" و"تكصار لصباع" او الى "الربط"، الى الجدار العازل في اتجاه العدوا والله يعلم الى أين أيضا.
 لا توجد أرقام يا سيدي ولكن الله وحده يعلم كم نسبة التلوث والتسمم في الماء الذي نشرب وفي الغبار وليس الهواء الذي نستنشق وفي الأكل الذي نغتني أو الذي يوزع علينا ولن أخوض في الأسباب لأنها ودائما وأبدا حسب رأيكم بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية والمناخية "الاستثنائية" التي "نمر بها".
يا سيدي الوزير يجب أن تعرف أن أكثر من 90% من هذا الشعب "ألي كاتلوا أشحم وماهو حامد نعمتوا" يعيش على اقل من نصف دولار في اليوم وهو رقم قياسي عالمي نستحق به دخول كتاب غينيس للأرقام القياسية وهو أيضا رقم مرجح للانخفاض نحو الصفر وما تحت الصفر مع تداعيات الأزمة المالية العالمية وفقدان الكثير من اللاجئين الصحراويين في الدول الأوروبية لوظائفهم وقد ساهموا يا سيدي طيلة السنوات الماضية في التخفيف من معانات عائلاتهم هنا في المخيمات، وسأخبرك شيئا آخر سيصعب عليك تقبله لكنه ومع الأسف حقيقة وواقع فأغلبية العائلات البسيط لا تجد صدقني في بعض الأحيان "بطّة أتون تيدم بها أعشاها"، ولن أخوض في التفاصيل لأنها دائما وأبدا وحسب رأيكم بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية والمناخية "الاستثنائية" التي "نمر بها" نحن الشعب ولا تمر بها أنت وزملائك ولا تشملكم ولا تضركم "استثنائية" وضعنا بكل تأكيد. 
هل يكفي يا سيدي .. نعم .. سأرحمك وأتوقف فيما الأرقام والنسب المحزنة والمزعجة ما زالت تطاردني .. ورجاءا إرحمونا، إرحمونا بأقوالكم وأفعالكم لأن هذا الشعب المسكين والبعيد عن "أشحم" وعن "النعمة" لا تنقصه تصريحات استفزازية بعد أن فعلتم به وفيه ما فعلتم ولا زلتم .. فارحمونا الله يرحمكم ويرحم والديكم ..


26‏/5‏/2012

مغارات


مصطفى عبد الدائم
 أنا الآن أفتح بابا يؤدي إلى مغارات بلا قرار
من كنت قبل أن تطويني هذه الزنزانة الضيقة في جوها الخانق؟. أغمض عيني.. أتحسس موطنا لقدمي.. في مدينة سلا على الضفة الأخرى لنهر أبي رقراق، نبتت دونما حاجة لقطرة من مطر.. حكايات جدتي وتفاصيل هجرة والدي الاضطرارية، كانت رحلة ارتوائي من جذور ضاربة في عمق الصحراء. طفولتي بعثرتها بين صباح اصرفه بملل في دكان صغير معروف "بالمسيد"، أين تتكدس أجسادنا الصغيرة لحفظ القرآن الكريم، وأين ألهبت جلودنا الطرية عصا "الفقيه" الطويلة والحر الشديد المنبعث من فرن "بنعاشر" وبين ظهيرة أنفقها في ركل كرة صغيرة من القماش والركض وراءها عبر الدروب الضيقة بحي الملاح القديم، أين يقبع بيتنا في قعر إحدى أزقته.. بيتنا ببابه الخشبي العتيق ونوافذه الصغيرة، وواجهته التي تفسخ طلاؤها، وتآكلت الأعمدة بفنائه الفسيح، وتشققت سقوف غرفه المستطيلة الشكل.. كان بيتنا آيلا للسقوط، ورغم أن الأرض تململت من تحته، وتناثر الغبار فوق رؤوسنا واتسعت الشقوق قي سقفه.. لكنه لم يسقط.. غادرناه فزعين، حمل أبي بعض الأغطية وحملت أمي حصيرا، وهرعنا خارج أسوار المدينة.. بتنا ليلتنا في العراء تحت النجوم الساطعة..
كان زلزالا لبضع ثواني حرمتنا فرحة العيد ومنحت اللصوص فرصة السطو على ما تخلف في البيوت.... 
أفتح عيني.. أرتجف وأنا أتصبب عرقا.. الحر شديد.. رائحة البول وأسراب الذباب.. هذا الانغماس المؤذي يسحبني من التيه اللذيذ ويعيدني إلى لحظتي المقيتة.. لحظة انغلقت أبواب السجن من دوني. لكني لن أذعن لعلامات التحذير المثبتة على طول المنحدر.. سأتوغل أكثر فأكثر..في جوف المغارة... 
خلف الباب الحديد لا أعرف ماذا يحدث؟ تصلني الأصوات الخافتة أحيانا وأحيانا أخرى قوية. هل علي أن أصرخ أني القادم من نقطة الالتقاء ومفترق الطرق من مكان للقلق الوجودي الذي يحضن مزارا دينيا؟ََ!..من مدينة لم تأخذ شكلها النهائي بعد، بيوتها الصغيرة المصطفة في صعود وانحدار والأخرى المبعثرة في كل الاتجاهات.. أنا القادم من الجرح المفتوح على كل الاحتمالات ...
تؤلمني معدتي، جو الزنزانة لا يطاق تماما كما غرفة الانعاش في مستشفى ابن سينا.. يومها كنت أركض خلف الكرة الصغيرة المصنوعة من القماش، أركلها بقوة.. تندفع إلى الأمام.. إلى الأمام.. أركض خارج باب "فاس" المعروف بباب "الخميس".. أركل الكرة الصغيرة وفجأة طار الجسد الصغير ثم هوى.. الفرحة الراكضة خلف الكرة الصغيرة انطفأت.. في الظلام يسبح جسدي، أستعيد الوعي بصعوبة، في الظلام غادرتني ملائكة الرحمة دون وداع، جسدي يبحث عن روحه في الظلام.. الزنزانة قبر متعفن.. أغمض عيني.. فقدت البوصلة...
في الظلام أنا كالاعمى .. لا اعرف الى اين امضي 
نجوت من موت محقق.. إصابتي في الرأس كانت بليغة، لم يعد بإمكاني ركل الكرة الصغيرة والركض وارءها.. موسم الذهاب إلى "المسيد" انتهى.
دقت ساعة الالتحاق بالمدرسة.. مدرسة "باب الريح" لا أدري لما سميت هكذا؟.. بعض التسميات تظل لغزا.. وجودها خارج أسوار المدينة أثار حنقي وحيرتي.. دكاكين الخضار والجزار والبقال والسمسار توجد داخل الأسوار.. السوق اليومي والفرن والمستوصف والصيدلية... الكل داخل الأسوار ماعدا المدرسة فتقع هناك في مهب الريح.. هناك خارج الاسوار...
 والطامة الكبرى أن شارعا كبيرا يفصلها عن المدينة.. عشرات السيارات والشاحنات والحافلات تمر به في سرعة قاتلة. كيف لي أن أعبر هذا الشارع؟ ماذا لو صدمتني سيارة أخرى؟ رباه ! ها أنا أرزح تحت احتمال تكرار ما حدث.. هل علي أن أواجه خطر الموت لأحظى بفرصة للتعلم؟.
منتحبا ألبستني أمي وزرتي الزرقاء وهي تقول مشجعة
لا تخف بني سترافقك جدتك ).(
كأنها انتشلتني من بئر عميق.. أمسكت بيد جدتي ومضينا معا.. عبرنا الشارع بعد تردد وطول انتظار.. كنا كمن يعبر بحرا متلاطم الأمواج. خلفنا اختفت البيوت وراء الأسوار العالية. غمرني ضيق شديد وهذه الحشود من التلاميذ تبتلعني، والباب الحديدي يغلق من دوننا.. ويحي؟ أين اختفت جدتي؟ ماذا لو عادت وتركتني؟ كيف لي أن أعبر الشارع بمفردي؟.
أرتجف من الخوف.. ليت جدتي تنتظرني.. ليتها تعلم كم أنا محتاج أن تأخذ بيدي فبدونها لن أستطيع العبور أبدا.
يعضني الندم لأني تركت يدها الدافئة.. ما كان علي أن أفترق عنها. أحب جدتي بجنون فهي من تؤنس وحدتي، وتطرد الوحشة عن البيت المتهالك.
وكلما حاولت أمي تشجيع والدي على إصلاح البيت نهرتها قائلة:
- لماذا تبذير المال في إصلاح بيت ليس بيتنا؟.
- لكنه قد يسقط فوق رؤوسنا. تقاطعها أمي.
تنظر جدتي إلى الشقوق في سقفه وترد على أمي بهدوء:
- لاتخافي لن يحدث ذلك.. سنغادره في الوقت المناسب.
ورغم أنه جواب لا يستقيم وواقع الحال، لكنه كان كافيا ليبث في نفوسنا الأمان والطمأنينة.
ليت نبوءتها تتحقق ونغادر هذا البيت المتهالك.. بيت "كنزة" التي ورثته عن آباءها وأجدادها قبل أن تغادر مع من غادروا إلى فلسطين.. أنا أريد فقط بيتا أذهب وأعود إليه دون أي إحساس بالخطر.
أفتح عيني.. انقطع الحبل في هذا التوغل نحو اللاقرار يستحيل السير على هدي حبل متصل...
من العبث أن أحاول ترتيب الأحداث، ووضعها في إطار معين، ومنحها شكلا محددا.. في رأسي كل شيء متداخل ومتشابك.. كومة من الأسلاك المتينة والخيوط المتلاشية.. ظلام يحجب الرؤية، سير متعثر عبر منعرجات ومنحدرات.. مرتفعات وعرة وممرات ضيقة وحفر متعددة...
ليس بوسعي أن أقول كل شيء.. أن أتوقف عند كل التفاصيل.. أن أفهم لما حملوني فجرا.. معصوب العينين ومكبل اليدين.. ورموني في هذه الزنزانة الضيقة.. في هذا القبر المتعفن؟ !. ألأني وجدتني، بعد طول تيه لذيذ في حكايات جدتي؟. أم لأني وجدتني بعدما صدقت نبوءة جدتي يوم أقرت أن بيت "كنزة" الذي كنا نقطنه بسلا لن يسقط فوق رؤوسنا.. سنغادره في الوقت المناسب؟.
أسند ظهري إلى الحائط.. أنظر إلى الشعاع الخجول المتسرب من ثقب في الباب الحديدي.. أحس فعلا أني وجدتني.. وجدتني.. وجدتني. أنا لست أرخميدس.. أنا فقط الغرابة التي تجعل حكايات جدتي حقيقية وواقعية. أنا المعنى الذي اكتسبته هجرة والدي الاضطرارية...
البيت القديم نخره الزلزال.. والطفل الصغير نجا من الموت في حادثة سير. حفظ بعض سور القرآن الكريم رغم ساعات من الاختناق الطويل في "المسيد"، ثم استطاع أن يعبر الشارع الكبير غير عابئ بالسيارات والشاحنات والحافلات المسرعة دوما ليبلغ بسلام المدرسة.. لم يكن يعلم أن حياته الحقيقية ليست كل هذا.. كان عليه أن ينتظر سنوات عدة ليعلم أن حياته هي كل التفاصيل غير المروية من حكايات جدته.
تقول جدتي في إحدى حكاياتها (أن السلطان كان يصنع أعمدة قصره من جثث معارضيه). وقالت لأمي ذات مساء ممطر وبعض قطرات الماء تتسرب من شقوق في سقف البيت:
- ومع هذا فإن البيت لن ينهار إلا إذا غادرناه.
قالت أمي مستغربة:
- كأن وجودنا به يمنع انهياره.
قال أبي الذي يبدو أنه يتابع حديثهما من غرفته:
- هو كذلك.. ورثته سيهدمونه متى غادرنا.
سكت برهة وتابع قائلا:
- سنضطر عاجلا أم آجلا لفعل ذلك.
سألته أمي بعصبية:
- وما سيضطرنا لمغادرته؟
أجاب بهدوء وثقة:
- أبناؤنا.
كأنما أرادت جدتي تغيير الحديث، فقد أمرت أمي أن توقد النار لإعداد الشاي.
الشاي ! هذا الصداع في رأسي لاشك أنه بسبب حاجتي إلى كأس من الشاي.. جرعة من الشاي المر ستذهب عن رأسي هذا الصداع الخبيث.. لكن أنى لهذه الرغبة أن تتحقق وأنا حبيس هذه الجدران الباردة...
في هذا القبر المتعفن.. أستنفر كل حواسي وأجتاز حدودها.
أكتشف أطرافي المقطوعة وزمني الهارب.
لا حاجة للخجل من فتنة الانبهار.. من سحر النقوش القديمة على الأسوار.. دفعت إلى ذلك دفعا.. تلك هي الحقيقة.. ولكني ورغم كل شيء اجتهدت في البحث عن حرية نفسي...
أبي رجل فقير يكد من طلوع الشمس إلى مغيبها، مقابل دريهمات قليلة بالكاد تكفي لإطعام الأفواه الستة لأخواتي البنات.. أنا.. أمي وجدتي... نفترش حصيرا متآكلا.. نأكل ونشرب ونقرأ ونسهر على ضوء الشمع.. نسير حفاة الأقدام أحيانا وأحيانا ننتعل ما قل ثمنه وفاحت رائحته الكريهة.. نلبس ثيابا بسيطة.. جدتي كانت تحرص على تخضيب شعر أخواتي بالحناء، وتقول أنها نبتة من الجنة.. أمي كانت جميلة، الحناء والكحل والسواك تجعلها أكثر ملاحة. هي وجدتي مختلفتان عن كل نساء الحي.. لباسهما التقليدي الصحراوي، "ملحفة" جدتي شديدة السواد.. رجوتهما درءا لإستهزاء أقراني أن ترتديا مثل الأخريات. زمجرت جدتي:
- مستحيل.. عيب.. أفضل الموت على ارتداء غير "الملحفة".
أمي أكدت نفس الموقف موضحة:
- إسمع بني.. نحن هكذا.. نرتدي فقط "الملحفة".. هذا اللباس هو الذي يواتينا.
المرة الوحيدة التي كنت أجد فيها جدتي وأمي تماما كالأخريات، يوم كنا نذهب إلى "دوار الدوم" بمدينة الرباط.. في هذا اليوم الذي يوافق عيد المولد النبوي ويطلق عليه "المعروف" كل النساء يتشابهن وكذلك الرجال.. لباس موحد رغم اختلاف الألوان.. الجميع يحتفل في هذا اليوم الذي يتوج بنحر ناقة أو جمل.. المشهد رائع يسترعي انتباه السكان الآخرين رجالا ونساء وأطفالا.. خصوصا لحظة النحر.. رجال ببذلات فاخرة وربطات عنق سود لا يفوتون هذه الفرصة.. لحم الإبل يفتح سجيتهم للسؤال عن كل صغيرة وكبيرة.. النساء يتحركن في هذا الفضاء بهمة وفرح والرجال يخوضون في نقاش مطول.. والأطفال بينهما يركضون في مرح.. وفي المساء ينفض الجمع.
كأن أبي لمح الفرح يقفز من عيني بعد قضاء يوم طبيعي، فسألني:
- هل تريد أن ننتقل للسكن هنا؟.
رمقته أمي بنظرة حادة وتمتمت:
- هم.. ننتقل من بيت خرب للعيش في "براكة".
قالت جدتي وكأنها تخاطب نفسها:
- كل شيء بأوانه.. للقدر كلمته.
ركبنا الحافلة في صمت لم يكسره سوى سؤالي عما أراه من النافذة.. (باب زعير.. ضريح سيدي العوفير.. الكنيسة.. صومعة حسان.. الميعارة "أي مقبرة اليهود".. باب المريسة...) ترجلنا ودخلنا من باب "بوحاجة" 
اجتزنا حمام "السويقة".. بيت فافوريت (مقدم الحي).. منزل (مطعوش).. بائع (كرانتيكة).. انعطفنا يمينا ودلفنا إلى الزقاق الضيق الذي ينتهي عند بيتنا، بدا بيتا غريبا.. ظننت أنه يغوص في الأرض رويدا رويدا.
أكتوي بجمر الاستكانة لوهم الانهيار.. أنتظر بشغف أن تستيقظ الذات من سباتها المؤلم. ذات يوم في أوج غضبي وثورتي سأهاجم دون تردد وأحمل في يدي نصلا حادا أطعن به الطاغية.. لن أولي وجهي هاربا.. سأقف شامخا.. لن أسمح أن يسطو أحد على أرض أهلي وأجدادي.. ها أنا تحت التعذيب أتفنن في رسم آلامي وجراحي.. في رسم صراخي وأنيني.. كأن الأرض تهوي من تحت قدمي.. كأني في فراغ معلق.. أكتوي بجمر..
في زنزانتي أحس أني ضعيف وأني بالكاد أستطيع أن أصلب طولي. هل من العيب أن نعلن ضعفنا؟ لا أدري لكني أحس بالضعف الشديد.. الدموع اللعينة تنهمر من عيني دون انقطاع.. ابتلت لحيتي.. آه لحيتي؟. منذ اعتقالي لم تسنح لي الفرصة للوقوف أمام المرآة.. لاشك أنني سأبدو مخيفا.. أضحك بهستيرية.. في زمن مضى كانت اللحية الكثيفة والشعر الطويل والقمصان الفضفاضة الملونة والسراويل بقوائم الفيل.. مظهر من مظاهر القوة.. والرفض.. كل الشباب انخرط في هذه الموجة.. شباب اعتبر الأناقة وربطة العنق من المظاهر البورجوازية.. كما اعتبر العودة إلى الطبيعة شكلا من أشكال الاحتجاج على واقع الاستغلال.. عبر عن سخطه على الفوارق الاجتماعية والتوزيع غير العادل للخيرات.. دعا إلى التحرر من كل القيود.. استهوتني هذه الأفكار.. أخرجتني من عزلتي، أقبلت على دور الشباب.. استمعت إلى أغاني مارسيل خليفة والشيخ إمام وناس الغيوان بمتعة كبيرة.. دوختني أغاني جاك بريل وبوب ديلان وبيتلز.. أحببت أشعار محمود درويش وأمل بنقل وأحمد مطر.. اقتنيت التسجيلات الصوتية لمبصِر النواب.. قرأت لهيكل والمنفلوطي وجبران خليل جبران ونجيب محفوظ وإميل حبيبي وصنع الله إبراهيم.. حيرني وأرقني حنا مينا وألبير كامي وكارسيا ماركيز...
يشلني العياء.. أقضي وقتا أطول على شاطئ البحر.. عطشي الكبير قادني لأصعد الدرج لاهثا إلى الطابق العلوي أين تقيم عمتي بحي التقدم بالرباط.. ابن عمتي طالب جامعي يكبرني بسنوات عدة.. يختلف إلى بيت عمتي عدد من الطلبة الصحراويين.. يحتسون الشاي ويدخنون بشراهة ويناقشون بحماس وانفعال.. يتحدثون بصوت خافت عن اختطافات وقتل.. طالب صحراوي دهسته سيارة شرطة.. لا.. بل احتكت عمدا سيارة للمخابرات بدراجته النارية ودفعته إلى الاصطدام بشجرة غير بعيدة من باب زعير وسور القصر الملكي.. مات في الحين..لا.. لو حمل إلى المستشفى لعاش.. تعمدوا تركه يموت.. دوخهم... هس.. هس.. هسس..، قال ابن عمتي وهو يسمع طرقا على الباب.
فتحت عمتي الباب وقالت بصوت عال:
- إنه البشير.. مرحبا.. مرحبا.
وقف الجميع للسلام، أثارني هيئة الشاب وملامحه وتواضعه الشديد.. عرفت فيما بعد أنه من أنبغ الطلبة الصحراويين بجامعة الرباط... طرق الباب مرة أخرى.. عم صمت ثقيل.. فتحت عمتي الباب مرة أخرى وبعد هنيهة أغلقت الباب وقالت بصوت مرتجف..
- كالكم حد من المعايل راه البشير مراقب.

19‏/5‏/2012

ومضات من شهيد الحركة الطلابية الصحراوية لحسن التامك


إبراهيم برياز*
جرت العادة خاصة في وضعية شعوب هي في بحث دائم ومضن عن الحرية المسلوبة والكرامة المهانة، شعوب تتلمس طريقها لعلها تجد بصيص ضوء وسط ظلام دامس تتحمل مسؤولية هكذا وضع قوى إقليمية ودولية آخذة في التكالب على مصالح الشعب الصحراوي.
 بأن نحتفي بأبنائه البررة صاروا رموزا عصية على النسيان وسنابل شامخة تأبى الانحناء والانكسار, تنفذ بشكل يومي وتخترق كياننا حتى تغدو مستحوذة على كل ركن منه وتوحي لنا بالكتابة عنها باعتبارها معابر نحو صيانة التاريخ الوطني المشرق بدماء وآهات هؤلاء الذين نذروا أنفسهم وقدموها قرابين على مذبح الحرية والكرامة الإنسانية ورفض الظلم والاستعباد .
 و من بين هؤلاء الطالب الصحراوي الشهيد لحسن التامك الذي رأى النور بمنطقة آسا / جنوب المغرب سنة  1956 والده المامي ولد التامك ووالدته توفة بنت البشير "بشيا" ، نمى وترعرع في وسط عائلي متأصل ومتشبع بقيم وعادات الشعب الصحراوي، وله اثنان وعشرون أخا منهم من يتقلد مناصب قيادية في الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، أمثال محمد التامك وزير الإعلام في الدولة الصحراوية ويوسف التامك الأمين العام للبرلمان الصحراوي الحالي.
كما أن سجله الشخصي حافل قبل أن تغصب حياته وهو في ريعان شبابه، إذ على المستوى العلمي التحق الشهيد بالدراسة سنة 1963 بمدينتي بركان ووجدة شمال شرق المغرب، وانتقل بعد ذلك لمدينتي كليميم وافران الأطلس الصغير جنوب المغرب سنة 1967.
 وفي سنة 1968 تابع تعليمه الإعدادي والثانوي بمدينة ورزازات المغربية حيث حصل على شهادة الباكالوريا شعبة الآداب في الموسم الدراسي 1973-1974 لينتقل للعاصمة المغربية الرباط حيث أكمل دراسته الجامعية بجامعة محمد الخامس تخصص الحقوق.
أما على المستوى النضالي فقد انخرط شهيد الحركة الطلابية الصحراوية لحسن التامك في الفعل الوطني بداية السبعينيات  من القرن الماضي في سياق داخلي عام متأثر بما شهده  العالم من تحولات ناجمة عن الصراع الدائر بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي من جهة و صلابة النضال الشعبي ضد القوى الاستعمارية من جهة ثانية بشكل انعكس مباشرة على الساحة الجامعية المغربية التي شكلت مسرحا لتبلور إرهاصاته الفكرية الأولى، حيث كانت أبرز التعبيرات المتقدمة لذلك في تلك الفترة:  الإعلان عن تأسيس التنظيم السياسي الوطني بقيادة الزعيم التاريخي الشهيد الولي مصطفى السيد الذي انضم إليه الشهيد لحسن التامك من خلال إحدى الخلايا المنضوية تحت لواء الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، بمعية رفاق له كالمختطفين الصحراويين السابقين الشيخ أمحند الحسين سفر  وسلامة بهان والشهيد محمد فاضل إسماعيل السويح والطالب حيدار الملحق العسكري بالسفارة الصحراوية بالجزائر….
 هؤلاء اتحدوا في بوثقة  فكرية واحدة لبناء وعي قاعدي عبر الاتصال بأنوية التنظيم الوطني الحديث النشأة آنذاك، كما أن إلمامه بالفكر اليساري أهله لنسج علاقات وطيدة ومتميزة مع  مناضلي المنظمة النقابية للطلبة المغاربة "الاتحاد الوطني لطلبة المغرب" ومنظمة إلى الأمام المكون الأساسي للحركة الماركسية اللينينية المغربية.
وفي سنة 1974 ارتبط بالتنظيم الطلابي الصحراوي وتحمل مسؤوليات قيادية بارزة حسب شهادة رفاقه التي تؤكد أيضا تحليه بالأخلاق الحميدة وبالجرأة في إبداء الرأي، فضلا عن روح وطنية عالية متجسدة في إخلاصه للخط الكفاحي للشعب الصحراوي وبحيويته المعهودة المؤطرة بالمبادئ الثورية.
  ونتيجة لتفوقه الدراسي وتمكنه المعرفي السياسي علاوة على امتلاكه وعيا ثوريا عميقا وشموليا، نال حظه من الاختطاف القسري الذي لايمكن فصله عن حملة الاختطافات الواسعة والممنهجة التي باشرها الاحتلال المغربي سنتي 1976-1977 ضد مناضلي اليسار الجذري المغربي وضد مجموعة 26 التي تضم مناضلين من مكونات مختلفة من الشعب الصحراوي (طلبة، تلاميذ، موظفين ومواطنين عاديين ).
إلا أن الروايات بخصوص حقيقة مصير لحسن التامك تباينت بشكل كبير لتبقى أكثرها تداولا تلك التي تقر بتعرضه لجريمة الاغتيال السياسي بتاريخ 21 ماي 1977 بالعاصمة المغربية الرباط وهو ماتضمنه التقرير الختامي لهيأة الإنصاف والمصالحة تحت عنوان "تقرير حول متابعة توصيات الهيأة" الملحق رقم 1 حالات الاختفاء القسري 2010 ص 42، ومما جاء فيها :
"... لحسن التامك من مواليد 1956 باسا اعتقل رفقة صديق له من الشارع بالرباط شهر ماي 1977 بعد مطاردتها من قبل الشرطة بزي مدني، أصيب صديقه أثناء المطاردة ونقل إلى المستشفى وتمكن من الفرار منه في حين نقل السيد لحسن التامك إلى معتقل سري بالرباط وتم قرائن قوية على وفاته أثناء احتجازه...".
 هذه الرواية تبقى موضع شكوك قوية، حيث أن  مطلب الكشف عن الحقيقة الكاملة ومعرفة حيثيات قضية اغتياله وملابساتها، لايزال قائما ومشروعا الأمر الذي يجعله بالنتيجة في عداد المختطفين الصحراويين مجهولي المصير حسب ما تفيد به عائلته.
لذا فشهيد الحركة الطلابية الصحراوية وبحكم عدم امتلاك الجلاد الشجاعة الكافية للاعتراف بعملية اغتياله والكشف عن تفاصيلها الدقيقة جعلت منه قدوة للطالب الصحراوي العضوي المدجج بقناعاته, التي ساهمت فعليا في صياغة وبلورة الوعي الوطني بالصحراء عبر ادارته لمجموعة العلاقات النضالية التي شكلت اللبنة الأولى لمسار العمل الثوري الصحراوي، حيث عبدت الطريق أمام نمو نضال معقلن ومؤسس له عن طريق بسط وتذليل المسالة التنظيمية لخلايا العمل السياسي و العسكري كآليات لاثباث الوجود وذلك من خلال الاستنارة بأفكاره وأخذ العبرة من تجاربه النضالية.
وختاما فالشهيد من الذين أنكروا ذواتهم حتى يبقى الوطن معلوما، حرا يسكننا ولانسكنه، وهو مطمح كل الصحراويين الذين جعلوا من أجسادهم جسور عبور لأجيال تحلم ببزوغ اللحظة التي ينتصب فيها المشروع الوطني منتصرا، لأجيال تلتقط بشكل ايجابي رسائل الثورة الوطنية والنضال الشعبي، لأجيال توفي بعهد الشهداء وتنعش الذاكرة الجمعية باستحضار تضحيات الشهداء لكي لايطويها النسيان وتذهب سدى مهما طالت السنون، أجيال تصون مكاسب الوطن باعتباره المجسد المادي للكبرياء الجماعي للصحراويين في بعديه المعنوي والتاريخي.
 وما تسمية مزرعة باسم الشهيد في مخيمات اللاجئين الصحراويين سنة 1983 " مزرعة الشهيد الحسين التامك "  إلا دليل على حجم تأثير هذه الشخصية الوطنية التي تستلهم منها كل مقومات العزة والإباء وبرهان ساطع على أن الشهيد الذي يتقدم للموت ليهب لنا الحياة يظل أيقونة في ذروة احتدام الصراع بين الحدود القصوى لمكوناتها في الأماكن الضيقة التي تخلق للجلاد أوهام السيطرة على الشهيد والمعتقل، وتطويق أفكاره ونسف مبادئه، في حين أن صمود الشهيد وتحديه يمنح لنا كل صور الارتقاء السامي للإنسان تصل درجة الخلود في أذهان من سيحمل مشعل الكفاح من بعده وهو ماتزكيه قولة المناضل الليبي عمر المختار الذي قال " سوف تأتي أجيال من بعدي تقاتلكم أما أنا فحياتي سوف تكون أطول من حياة شانقي ".
 حياة  تنبجس منها أشكال عدة للتطلع والطموح المختزلة للجوهر النقي والمعنى الحقيقي لقيمة تضحية الفرد في سبيل انتزاع حرية الجماعة وبسط سيادتها على التراب الوطني.
*الطالب الصحراوي، سجين الرأي السابق.

إصلاح الصورة بإفساد الذات


تقيو محمد ايدة
لماذا لا تكون لنا ديمقراطية الغرب .. تطلعات المشرق وثراء الخليج ، يتساءل مثقف أنهكه الانتظار كما قال ففتح الباب على مصراعيه أمام التمني، ربما انه تأثر بذلك المقعر الهوائي الذي تطلب اقتناؤه سنوات و اقتطع تثبيته ساعات واستيعابه شهورا، او ربما أن صاحبنا اكتسب ثقافته هاته من إحدى جامعات جمهورية افلاطون ،لانني سمعته ايضا يتساءل هل نحن دولة قابلة للإصلاح ام اننا مجرد حركة تحررية ستختفي عوالم رموزها لحظة حصولنا على الاستقلال إن كان في عمر القضية بقية ...
لماذا كلما أجرينا مقارنة الدول نجدنا لاشرقية ولا غربية يتساءل صاحبنا . هل من العدل ان نقحم ثورتنا التحررية في غياهب مقارنات ومواصفات الأنظمة العجوزة التي تمشيخت عن اسم الدولة فضلا عن الثورة او الحركة ؟ لماذا نطبق مقاسات مستوردة تجعل من ثورتنا إما دولة لم تبلغ سن الرشد وإما ثورة تجاوزت الحدود.
قرأت لكاتب صحراوي يبدو انه من القلة الذين تنبهوا الى أن مشروعية ازدواج الدولة والحركة حسب مقتضيات العصر أمر مباح سياسيا . يدافع الكاتب عن وجهي الثورة الصحراوية في تحليل مطول تحت عنوان- لا تناقض بين الدولة والحركة- يبرر أو يشرح الظروف التي جعلت البوليساريو تتعامل أحيانا كدولة و أحيانا كحركة ثورية . واعتقد بأن هذه الازدواجية كانت نتيجة الظروف السياسية التي ولدت فيها الثورة الصحراوية ، وبصورة اقرب تتعامل كدولة في جوانب الدولة الحديثة و متطلبات وجودها ثم استمرارها كالتعليم والصحة و الخدمات . ومع الدول التي تعترف بها سياسيا . في حين تبقى حركة سياسية تمثل الشعب في جوانب الثورة ومقتضيات التحرر و الدفاع عن الحق . و إيصال الكلمة الى منابر العالم بإسم الجبهة المعترف بها كممثل وحيد للشعب الصحراوي في هيئات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ... وغيرهما، لضمان أن تبقى القضية موجودة في الأجندة وحاضرة في منابر العالم وهيئاته و مقرراته مهما كان اسمها . وهذا ليس غريبا في عهد اختفت فيه الثورات التحررية مثلنا و أصبحت أرشيفا من الماضي الكل مر عليه والكل أيضا تناساه، في عالم برغماتي لا يؤمن إلا بالقوة و التمصلح . أو عنجهية سياسة الاحتلال و الاستحواذ. لتبقى قوة الكبار في الاقتصاد و السياسة تقابل وقود البقاء المتناهي للصغار من العرب و ماشابه في التصفيق و التنازل . 
أما نحن فلسنا أقويا في السياسة والاقتصاد و ليس لدينا بعد ما نتنازل عنه من اجل الاستمرار او البقاء ، فأين المفر يا صديقنا المثقف و أنت أكثر من يعلم بان الحق لم يعد قوة في هذا الزمن. .
ثرواتنا منهوبة وحريتنا مسلوبة . ولم نفهم بعد بان الشرعية التي يتحدث عنها العالم اليوم لا تحق إلا لمن يتربع على بئر نفط . حزمة تنازلات لصالح الغرب . او لمن رطب لسانه من ذكر أمريكا إن سمعا او طاعة. واعتقد بان المغرب قد سبقنا إلى ذلك . فملكهم كما يبسط يده لمقبليها تبسط له أرجل لتقبيلها . لكن لا احد يلومه إذا كان ملكا في العرش وعبدا في السياسة فربما هذه طريقته في البقاء و حقنة الوضع الانجع لبقاء العرش و امتداده . فماذا نرتئى نحن من اجل استقلالنا ؟ فالمقايضة في السياسة لا تعني بالضرورة سلعة مقابل سلعة بل قد تكون سلعة مقابل خدمة . او موقفا مقابل خدمة ... هكذا فهم المغرب كيف يضمن التاييد الغربي ويوظف مواقفه ضد قضيتنا العادلة دون إثبات في نظر الغير . إثبات الحق الذي غفلنا عن تحقيقه دبلوماسيا بحجة الحقيقة التى لارجعه فيها . ومن يضمن . فقد تكون الحقيقة التى لا تقدم فيها أيضا . او كما تثبت سنوات الانتظار العجاف ليصل العد الزمني الى عقدين من الانتظار . انتظار أراد البعض من مثقفي الفضائيات من خلاله أن يحول مبدأ الثورة الى مفهوم دولة بالتقادم - ان صح التعبير- . ظنا منهم بان التقليد يكفل التساوي . وكان من الأحرى إن كنا لابد مقلدين ان نقاوم قرنا وربع في الحرب والثورة كما فعل التحريريون في الجارة الشقيقة الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي . ام نفتك العقدة ونقلد تيمور الحديثة في أسلوب نضالها من اجل الاستفتاء . ثم إن كان لابد . نحذو حذو جنوب السودان في حمله الثنائي الشجاع للسلاح وغصن الزيتون معا . 
أما التقليد الذي يستورده شبابنا ومثقفو اللاسلم و اللاحرب بان تكون ثورتنا او حركتنا التحررية مختبرا لتجارب الدمقرطة و التحرر تحت الاستعمار . فهذا ضرب من الخيال لا يرقي الى التطبيق . فقد عجزت عن ذلك الاختبار دول وشعوب مستقلة . 
أخيرا سمعنا أيضا عن أصوات تطالب بالإصلاح . فاختلطت فرحة سماع هذا الشعار الرنان بصدمة فهمه، فيبدو أن المطلوب يتعلق بإصلاحات الدول وليس الثورات . و بهذا ينضم أصحاب تلك الأصوات الى قائمة مثقفي الدولة الجدد الذين يتثورون تحت غطاء السياسة والتفتح . و بالتأكيد اغلبهم لايميز ما بين الاصلاحين في الثورة وفي الدولة . ربما لان اغلبهم درس في دول باسم الجمهورية الصحراوية وهاجر الى دول أخرى باسم البوليساريو الثورة واللجوء ولم يجد تفسيرا للفرق بين الحالتين وكيف ان جواز سفره يختلف حسب الوجهة . اما إصلاح الثورة فله جوانب سياسية بالدرجة الاولي ثم اجتماعية واقتصادية . 
أما السياسية فتعتري أولا الحفاظ على مكتسبات الثورة – وهنا لا اعني المخازن وسيارات الدعم – مكاسب الثورة هي الاعترافات الدبلوماسية الرسمية والصيت الإعلامي للقضية الوطنية وإحياء نقاط القوة للضغط على العدو حتى لايقول دبلوماسي مغربي " إما الحكم الذاتي وإما ضيافة الجزائر الى الابد " . كما انه من مكاسب الثورة أيضا روح القومية تلك التي كانت تشد الجميع الى هدف واحد هو الاستقلال وكنا نقول بالسلم او بالقتال . يجب ان يعود ذلك الشعور الفياض الى قلب كل مواطن صحراوي . لان هذا مكسب ثوري بدونه لايمكننا ان نتحد . 
اما اجتماعيا فاعتقد ان رياح الإصلاح هذه سبقتها عواصف القبلية . ويكفي ظلما أن لا يشعر المرء بالعدل و الإنصاف وهو في وطنه . او في ثورة يتشاطرها كليا مع جميع أبناء جلدته فقيرهم وافقرهم . لان الغنى لانعرفه زمن الثورة . و لانهتم به . وهذا كان مكسبا وقد ضاع ايضا في غياهب دولة المثقفين و دعاة الإصلاح . أصبحت القبيلة والعرش معايير تمييز بين المواطنين و المعيار الأهم في كافة المجالات 
. و التقديم والتاخير وهذا للاسف خلق مناخا سلبيا كان اول وابسط اثمانه تقديم الذات عن القضية . لنصبح مجتمع من "انا" و "انت" كل يغني على ليلاه و المغرب على ليله يغني . اوسياسة " انا" والقضية من بعدي وهذا في حد ذاته مكسب للعدو قبل ان يكون خسارة لنا . 
أما اقتصاديا . رغم اننا في زمن " لوصاك على أمك حقرك" الا ان سياسة البطون بدأت تطغى كما لم تشهدها أي ثورة من قبل . و أصبحت نصيحة المؤمن لأخيه " عدل شي اراسك " بعيدا عن أي طموح في استرجاع الأرض الأم . والحرية المسلوبة . وأمل شهداء وأرامل ويتامى بل وأمل شعب زرع مفخرة وحصد مضصرة . مضصرة تظهر حينا بقناع الإصلاح و أحيانا بقناع التمصلح... و هنا أفضل التشاؤم -على الغرور الذي يعيشه البعض- عندما اقول بان هذا الجيل لم يحمل المشعل و لم يتحمل الأمانة . ولم يقدر المسؤولية إلا في شق مساعدات انسانية. وقتها تثور ثائرة المسؤولية من قريب وبعيد ولم يعد هناك من لايحب البطن عفوا الوطن و ليس هناك من لا يعرف العد إن للنقود او للأكياس وحسابات الربح لزمن طويل بما يكفي لان تقوم ثورة و ثورات . 
هل سيتسابق قطار الدولة مع عربة الثورة في تفعيل الإصلاح؟ . اترك الإجابة الى مثقفنا وامثاله على ان لايغفل في بحر امنياته بأن تحيا ضمائر لتنقذ هذه الثورة . 
رغم ان عجلة الزمن لاتتوقف . وحبر التاريخ لايشطب ماقد كتب إلا ان الامل يبقى قائما في ان نستفيد من خسائر الماضي واخطائه على ان نغلق باب التمنى لنفتح صفحة الارادة الجدية بأن نستعيد مجد الابطال والثوار ومنجزات السلاح التي تظاهر بها القلم . ارادة اوصلتنا الى ثورة تضاهي الدول في زمن ما . والى ان نستعيد دلك المجد الدي ارعب العدو لسنوات حتى رفع الراية البيضاء امام قلة من العدة والعتاد . الى ذلك الحين نذكر مثقفينا بأن ليس القلم من يقول كان ابي سلاحا .

 
electronic cigarette review