10‏/6‏/2012

الخسارة بنتائج ثقيلة قد تعني ميلاد منتخب وطني


 نفعي أحمد محمد
ماذا بعد كردستان العراق ؟
بقلم : نفعي أحمد محمد
في أن يلعب فريقنا ممثلا لألواننا ويدخل بشعارنا ويرفع علمنا وعلى أنغام سلامنا وبلاعبين صحراويين وتحت إمرة مدرب صحراوي ويستقبل بجواز سفر بلادنا , فلعمري لأنه انجاز ما بعده انجاز بغض النظر عن النتائج المسجلة أو مستوى الأداء الفني والتقني والتكتيكي الذي أظهره في المقابلتين الأوليين ضد مستضيف الدورة كردستان العراق الذي يضم في صفوفه لاعبين من المنتخب العراقي الأول، وآخرين في صفوف نادي أربيل متصدر الدوري العراقي وصاحب الصولات والجولات في كأس الاتحاد الأسيوي وفي الثانية ضد إقليم أوكستانيا من فرنسا، ونحن نعلم ما تتوفر عليه القارة العجوز من مستويات كروية عالية الإيقاع والجودة على الرغم من أن الحديث هنا عن فريق أقل نضجا بكثير مقارنة مع فرق أوروبا إنما لا مجال لمقارنة بفريقنا على صعيد الإمكانيات والفرص المتاحة ليتغلب مع كل ذلك تواليا على دارفور(السودان) بخماسية لقاء هدف وحيد وراتا (سويسرا) بثلاثية نظيفة ويخرج خامسا في تصنيف البطولة متوسطا لفرقها التسعة  .
ولعلنا نستحضر أول مشاركة زائير "الكونغو الديمقراطية حاليا" كأول منتخب أفريقي يشارك في إحدى بطولات كأس العالم في بطولة كأس العالم لكرة القدم 1974 التي أقيمت في ألمانيا الغربية والتي تلقت شباكها أربعة عشرة هدفا في المجموعة الثانية التي ضمت يوغسلافيا والبرازيل واسكتلندا ودون أن تسجل هدفا وحيدا، وخرجت من الدور الأول دون أهداف ودون نقاط ومع ذلك وبعد ست وثلاثين عاما كادت غانا إن تذهب بحلم الأفارقة في مونديال جنوب أفريقيا الأخير إلى نصف النهائي لو أحسن "اسمواه جيان" ترجمة ركلة الجزاء التي صفرها حكم اللقاء في الأنفاس الأخيرة أمام الاورغواي. 
ولست هنا لأبرر خسارة فريقنا ولا لأجد لها المسوغات المنطقية   بقدر ما أود أن أؤكد أن النتائج في المستطيل الأخضر قد تكون أول ما نفكر في الوصول إليه وأخر ما نحققه إن أعددنا منتخبا جيدا للمواعيد الكبرى وحرصنا على بناء هياكل وتنظيمات رياضية على أسس سليمة ونظمنا بطولة وطنية قارة طيلة الموسم وصقلنا المواهب بشكل سلس وتمكنا من الاستفادة من الخبرات التقنية والفنية الخارجية واستثمرنا في الطاقات البشرية الواعدة وسرنا وفق إستراتيجية واضحة المعالم تحدد أهدافا جلية النتائج عندها لن تكون بطولة الأقاليم سقف طموحاتنا , بل وسنجبر الإتحاد الدولي القبول بعضويتنا من بوابة الاتحاد الإفريقي الهيئة السياسية الأكبر في قارتنا ومن ثم على المملكة المغربية مثلما خرجت صاغرة من محافلها السياسية والاقتصادية أن تجد لنفسها مكانا في كرة أوروبا أو لتلعب مع دول الكاريبي إن وسعها ذلك، أو عليها أن تستقبل الفريق الوطني للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في العاصمة الرباط ضمن التصفيات المؤهلة لكأس أمم إفريقيا أو العالم أو الألعاب الأولمبية , لا يهم المهم أن علمنا وألواننا وسلامنا وجواز سفرنا وهاماتنا مرفوعة في عقر دار الاحتلال , فما يصنعه فريق كروي وربما عداء واحد في العاب القوى يصعب حصره ويندر تحقيقه في أي مجال آخر , فكيف يمكن استثمار واستغلال الرياضة كجبهة مقاومة ودبلوماسية فوق العادة ؟  .
فريقنا الوطني هذا الذي اتجهت أنظار الصحراويين مشرئبة صوبه ويكفينا فخرا أن نتابع الصحراء الغربية فريقا كرويا ممثلا لشعبها، لم نفكر كيف وصل إلى كردستان العراق ولا بأية طريقة وما المجهودات التي كلفنا أنفسنا في السعي إلى تمثيله في جمعية قد يصفها البعض بأنها مغمورة علما أنها تفوق بزخمها بلدانا بذاتها نتغنى بالوصول إليها أو بمدنا باعترافات منقوصة أحيانا , فلولا بعض المتعاطفين مع قضيتنا ونخشى أن يكونوا أكثر حماسة منا في مشروعنا الوطني الذين تكفلوا بالتبعات المادية الثقيلة من اجل هذه المشاركة من تأشيرات وتكاليف سفر ولوجستيك بعدما لم يضنوا جهدا في التنسيق من أجل العضوية في هيئة الأقاليم هذه التي لا أراها بصراحة فضاء للصحراويين بالمرة لأن قضيتنا أكثر جلاء وعدالة من أي قضية سياسية أخرى للبلدان المشاركة بدءا بكردستان وصولا إلى دارفور والتبت وقبرص تركيا وزنجبار وأوكستانيا وغيرها  وعلينا أن نناضل لنصل إلى أمم الكرة المتحدة "فيفا" والتي بات وقعها أقوى وأكثر صدحا من هيئة بان غي مون وأعضائها , لأنه بالفيفا ستشرع أبواب مبنى نيويورك في وجهنا من بوابة الرياضة إن نحن أردنا مجابهة الاحتلال في كافة الواجهات .
ومع أن المتضامنين صنعوا ما عليهم وأزيد , لم نمنح نحن ولو فرصة إعداد هذا الفريق في ظروف مثالية على الأقل ولم نضعه في محك التجربة أمام فرق من شأنها أن تفيده بالاحتكاك والخبرة والتجربة اللازمتين وعوض أن نفرد له تربصا مغلقا بأوروبا أو في الجزائر ويلاقي في مباريات ودية فرقا في الدرجة الأولى أو الثانية على أقل تقدير , أعطيناه مهلة خمسة أيام للتعب والإرهاق بمدرسة التكوين العسكرية الشهيد عمي وأجرينا له مباراة ضد فريق المدينة الجزائرية المجاورة تندوف وخسرنا أمامها بهدفين لثلاثة دون أن نراجع الحسابات ونتدارك الهفوات ولم يودع الفريق الوطني رسميا ليلة مغادرته ولم يقض فترة مكوثه ثمان وأربعين ساعة بالجزائر العاصمة في فندق بل قطن المساكين منزلا يفتقد لشروط الراحة البدنية والنفسية لفريق سيلعب على العشب لأول مرة في تاريخه وأمام الأضواء الكاشفة لأول مرة في مسيرته وأمام جمهور في مدرجات ملعب حريري بالعراق لأول مرة في مشواره إن نحن أردنا أن يكون له مشوارا في المستقبل , ولا غرابة بعدئذ أن يخسر بالستة بمباراتين في ظرف أقل من أربع وعشرين ساعة أمام فريقين يتفوقان على فريقنا فيزيولوجيا ومورفولوجيا وسيكولجيا ونفقاتيا .   
إنما ليست هذه هي الأسباب الكامنة لوحدها وراء هذه النتائج فيكفي أن نقول أن بعضا من عناصر المنتخب التي راهن عليها المدرب إما أرهقتها أعمالها الشاقة كمشاريع البناء التي تدر عليها لقمة العيش الكريمة أو أخرى تلعب الكرة في المنتخب وتتعاطى السجائر بعلم إدارة الفريق وهذا ما يبرر عدم القدرة على تكملة لقاء من تسعين دقيقة إضافة إلى التدريبات المرهقة والمكثفة في دروب الصحراء الوعرة هنا بالمخيمات طيلة فترة التربص بمدرسة التكوين وافتقاد المجموعة لنظام غذائي متزن ناهيك عن كون لاعبينا لا يداومون في فرق تلعب بشكل مستمر لأنه لا تتوفر لدينا بطولة بنظام دوري على مدار الموسم ويكتفون بمشاركات متحفظة في مسابقات بنظام خروج المغلوب في كأس الجمهورية وبطولة عشرين ماي واللتان في اعتقادي لا تحددان مستوى اللاعبين ولا ثقافتهم الكروية مع احترامي لخيارات المدرب والتي يراها البعض غير موفقة بالمرة , وربما إصرار المشرفين على المنتخب دون شعور على لاعبيهم عندما طالبوهم بالتأهل وللعب المباراة النهائية والعودة باللقب إن أمكن خلف ضغطا نفسيا رهيبا على المجموعة التي لم تدخل أجواء اللقاء الأول إلا بعد التأخر بثلاثية وفي الثانية لم يختلف المشهد كثيرا ,  وإلا فكيف نفسر حصولنا على أول ركنية في المباراة في الدقيقة الرابعة والخمسين أي بعد انطلاق الشوط الثاني بخمس دقائق ؟   .
منتخبنا في مباراتين احتاج إلى خمس وخمسين دقيقة ليظهر أول تهديد حقيقي على مرمى المنافسين , مع عدم قدرته على مجاراة نسق الخصوم وبين هذا وذاك سجل عدم ترابط بين الخطوط الثلاثة فأم المعارك وسط الميدان خسرناها في كلتيهما واثر لاعبونا النزعة الفردية على حساب اللعب الجماعي وهو ما أفقدنا كرات كثيرة فضلا عن كون الصراعات الثنائية التي لم نفز بها أيضا بسبب النزعة الفردية والرعونة وضعف البنية الجسمانية لأبنائنا بالرغم من أن أعمار لاعبينا تفوق سن منافسيهم وهنا نعود لنؤكد على ضرورة الإعداد البدني وإيفائه عناية فائقة علما أن المنتخب ذهب من دون فريق طبي ولا معالج للإصابات التي قد يكون اللاعب عرضة لها في أية لحظة من المباراة .
غادر الفريق المخيمات في صمت ( ونخشى أن يعود في صمت ) دون أن يرافقه مسؤول سام في الدولة  وما بالك بفريق إعلامي للتغطية مع أن الهدف من المشاركة إعلامية بامتياز والجمهور الصحراوي متعطش لأخبار ونشاطات المنتخب , وماذا كنا سنصنع لو لم تتكرم قناة العراقية الرياضية بنقل مباريات البطولة والتي قال معلقوها "بأن فريق الصحراء الغربية فقير فنيا ومتواضع المستوى وأخشى أن يغادر هذا الفريق دون إن يحرز هدفا" بالنظر إلى الشوطين الذين لعبناهما ضد كردستان العراق والشوط الأول ضد أوكستانيا وكم هي سريعة الأهداف المتلاحقة التي تتلقاها شباكنا في الدقائق الأولى رغم المستوى الرائع الذي أبداه الحارس الأول للفريق .
خسارتنا بسداسيتين وخروجنا من البطولة وفوزنا على دارفور بخمسة أهداف لقاء هدف وحيد نتائج قد لا تفيدنا في شيء  إذا كان الهدف الأسمى هو شرف التمثيل واثبات الذات وتشريف شعبنا وقضيتنا في المحافل الرياضية العالمية ولا ضير إن تحققت النتائج الايجابية بعد ذلك , لكنها لن تتأتى إلا بشروط النجاح المعروفة محليا ودوليا وما على سالكيها سوى الاجتهاد والإيمان بالقدرات الوطنية ودعمها بإغداق وانتظار القادم كي نستفيد من تجربتنا أو اعتزالها إلى الأبد فالاختفاء يغدو أكثر نفعا من الظهور من مستويات هزيلة دون تقدم في بلد تزخر بالمواهب والطاقات الشابة .............      
                                     

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
electronic cigarette review