12‏/6‏/2012

تعقيب على مقال "ماذا بعد سحب المغرب ثقته من كريستوفر روس؟"


اسلامه الناجم 
قدم الصحفي المغربي علي أنوزلا في مقاله المنشور بموقع لكم الالكتروني يوم 26 ماي المنصرم، عرضا مفصلا لمسار التسوية الأممي لنزاع الصحراء الغربية، ويجب الاعتراف بل الإشادة بشجاعته، في وضعه مسؤولية العرقلة والتماطل والهروب إلى الإمام على المغرب خوفا من نتائج الاستفتاء، وكما بين الكاتب تأكد المغرب نهائيا بأنه مهما فعل فلن يكون في صالحه الاستفتاء، ولم يكتف كاتب المقال بهذا فقط، بل اظهر تهافت أحزاب وبرلمان وإعلام بلده، وركوبهم لأي موجة يركبها القصر، دون تحليل أو رؤية، الأمر الذي يؤكد أن الصحراء الغربية هي قضية القصر وفقط، هو من اخترعها وعقّدها وماطل في حلها، وهو أيضا من يمتلك مفتاح الحل . وبالتالي يتضح للمخدوعين أن أكذوبة "الإجماع الوطني" هي مجرد أسطورة سخيفة حاكها الحسن الثاني، لتتلقفها جوقة الانتهازيين - البرلمان والأحزاب والإعلام- في مزايدة رخيصة كعادتهم مثلما أوضح الكاتب الصحفي .
لقد أوضح أنوزلا من على موقع مغربي شهير كرونولوجيا، وبما لا يدع مجالا للشك، أن المغرب هو المتنصل دوما من أي حل، وانه كلما كان الطرفان قريبين من الحل، نكص على عقبيه، وتراجع إلى ما اسماه الكاتب "المربع الأول"، وقد عدد الكاتب فرص الحل التي أهدرها المغرب، أكثر من ذلك يظهر أنوزلا الطرف المغربي كالساذج أو الغر، الذي ينخرط في تسوية غير مدرك لأبعادها، ثم سرعان ما يتبين له انه أول الواقعين في الحفرة التي حفرها بيديه لغريمه جبهة البوليساريو، وفي وصف الكاتب بعض الحقيقة العائد إلى الارتباك في إدارة ملف طال أكثر من اللازم، لكن باقي الحقيقة يكمن في أن المغرب يريد حلا مفصلا على مقاس ملكه .
البوليساريو روح شعب 
هي شجاعة – كما أسلفت- من الكاتب وخروج عن القطيع المغربي وعقليته ونفسيته، لاسيما وان الكاتب نفسه سبق وان زار مخيمات اللاجئين والأراضي المحررة، مشاركا في المؤتمر الثالث عشر للجبهة،غير أن أنوزلا الذي بدأ المقال متجردا من أي شوفينية ومنحازا لتاريخ ماثل أمام العيان ، ويدين السلوك المغربي المستفز والمتنصل من أي اتفاق أو تسوية عادلة للنزاع ، سرعان ما يختم مقاله بنغمة مغربية هي للقصر اقرب منها للصحفي المحقق والباحث عن الحقيقة، دافعه إلى هذا – ربما- الجهل بمعنى البوليساريو، فعندما يقول إن "البوليساريو لم تنجح في بناء قاعدة جماهيرية لها خارج مخيمات اللاجئين"دون أن يقدم لنا معطيات أو بيانات تدعم زعمه، فهو في هذا الطرح يقفز فوق واقع الاحتلال الذي يرزح تحته الصحراويين في الأرض المحتلة وجنوب المغرب، وهو واقع ثقيل بغيض يكتم الأنفاس، ويحارب الناس في أرواحهم وأرزاقهم، واقع يترجمه رفض المغرب الأبدي متكئا على الفيتو والنفوذ الفرنسيين لتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان والتقرير عنها، وبالتالي يخلط الصحفي المغربي بين واقعين متناقضين لقياس قاعدة البوليساريو وجماهيريتها، مخيمات اللاجئين حيث الدولة الصحراوية، والأرض المحتلة حيث الاحتلال المغربي،وأدواته التي تزرع الرعب وإرهاب الدولة، فالبوليساريو إذن ليست حزبا سياسيا بالمعنى الذي يحاكمها عليه أنوزلا، لكنها روح وجسد الشعب الصحراوي، هي فكر وعمل يجمع ويوحد طاقات الصحراويين من اجل الحرية، وعليه لا يحتاج الصحراويين في كل أماكن تواجدهم وانتشارهم إلى طقوس لتأكيد انتمائهم إلى البوليساريو، والدليل الذي يغفله أنوزلا هو أنها إلى الآن ومنذ نشأتها لا يوجد من ينازع البوليساريو شرعية ووحدانية تمثيلها للصحراويين دعك من كومبارس الاحتلال وعرائسه.
الديمقراطية حل و ضرورة .
لاشك أن الديمقراطية في المغرب أضحت مطلب يتزايد بشكل ضاغط، وصار من غير الممكن تأجيله أو الالتفاف عليه إلى مالا نهاية، لاسيما في وقت جربت فيه الشعوب قوتها في الشارع وأدركت أهميتها، ومنه لاشك أيضا أن المغرب الديمقراطي سيكون أكثر انسجاما مع الشرعية الدولية، وستكون فرص التوصل إلى حل سلمي وعادل متوفرة أكثر، لكن بالمقابل الديمقراطية في المغرب شأن مغربي خالص، لا يعني الصحراويين في شيء، ولا يمكنهم أن يعلقوا حل قضيتهم أو يرهنوا إرادتهم على نضج الرأي العام المغربي ووعيه، خاصة وان للقصر نفس طويل في المناورة وإجهاض أحلام المغاربة، لذا تصبح الديمقراطية في المغرب  ليست شرطا للحل كما خلص الكاتب بل عامل مساعد، فالشرط هو صمود الصحراويين - وقد فعلوا ويفعلون- فالقانون والشرعية الدوليين في صالحهم – أمر لا ينكره أنوزلا الشجاع – فقد حلت أكثر القضايا تعقيدا مع أنظمة مستبدة وفاشية والأمثلة متوفرة لمن شاء ، صربيا وكوسوفو، اندونيسيا وتيمور الشرقية ، إثيوبيا واريتريا وغيرها. 
ما العمل؟
هذا السؤال الثوري يحتاج جوابا ثوريا، إذ على النخب المغربية والكاتب في طليعتها - بكل تأكيد- تحمل مسؤوليتها أمام التاريخ أولا ثم أمام ضمائرها، في علاج هذا الشرخ بين الأشقاء، ووقف استنزاف طاقاتهما،في حرب عبثية هدفها الهاء المغاربة عن مشاكلهم الحقيقية في التنمية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية، على هذه النخب التحلي بشجاعة الاعتراف ببطلان مزاعم نظامها وحق الصحراويين في تقرير مصيرهم بكل حرية وشفافية، وان تتولى توعية  الرأي العام المغربي بان حربه الحقيقية هي مع الجهل والبطالة والفقر والفساد والاستبداد وليس مع الشعب الصحراوي الجار والشقيق . بهكذا فعل ستختصر الوقت والجهد على الشعبين ثم على المنتظم الدولي ، وسيسجل لها التاريخ شجاعتها وصواب نهجها .
المراهنة على الوقت
يقترب النزاع الصحراوي المغربي من عقده الرابع، فيما يتضح بجلاء أن مراهنة المغرب على الوقت خطأ استراتيجي في تقدير قدرات الشعب الصحراوي وطول نفس البوليساريو، فالبوليساريو تحظى باعتراف وقبول متزايد داخل المجتمع الدولي، وتسجل الجمهورية اعترافات متوالية، فيما يتصدع جدار الصمت والتعتيم المضروب على المنطقة من طرف المغرب وحليفته فرنسا، وتتعاظم المطالب الدولية من أفراد وهيئات سياسية وإنسانية وثقافية بفتح المدن المحتلة أمام الإعلاميين والسياسيين، ولئن أجهض المغرب الآن زيارة المبعوث الشخصي للامين العام الأممي إلى المناطق المحتلة، فلن يتمكن من ذلك إلى الأبد. ثم إن عصر الاستقرار بتصدير الأزمة إلى خارج الحدود قد ولى إلى غير رجعة، فحركة 20 فبراير مجرد بداية حراك شعبي مغربي سيطيح برؤوس كثيرة و وكبيرة وقد يطال يوما العرش ذاته، فحل مشاكل القصر بات اليوم معكوسا، اذ صار عليه أن يصفـّر المشاكل من حوله ليتفرغ لمركز الزلزال إن أراد استمراره .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
electronic cigarette review