مع قدوم كل عام جديد تتجدد آمالنا ومن اغصان معاناتنا تتفح براعم احلامنا و يولد فينا الامل من جديد بقرب نهاية ليل الانتظار الطويل و طلوع النهار، نهار يبدد اليأس من قلوبنا و يعيد البسمة لقسمات وجوه شيوخنا و لشفاه اطفالنا و نسائنا.
مع قدوم كل عام جديد تتجدد آمالنا في أن يأتي بما يمكن ان يخرجنا من متاهة الانتظار التي ندور فيها منذ أكثر من عشرين سنة دون أفق محدد ، و دون استراتيجية واضحة حتى صارت الضبابية و الغموض يلفان كل شيئ و عشعش اليأس و التذمر في النفوس ، و صرنا نبتعد شيئا فشيئا عن الهدف الاصلي بسبب السياسات الخاطئة و العشوائية التي تم اتباعها في إدراة المعركة مع العدو منذ وقف إطلاق النار حتى الآن ، و الأدهى و الامر من كل ذلك هو أنه لا وجود لاية مؤشرات أو بوادر تنبؤ بتغير هذا التوجه ، فكل السياسات القائمة ، و للأسف الشديد، تؤكد شيئا واحدا، و هو انتظار حلا يأتي عن طريق الأمم المتحدة و التمسك بخيار المفاوضات العقيمة التي إلى حد الساعة، و بعد أكثر من عشرين سنة لم تقدمنا خطوة واحدة باتجاه الحل.
الشيئ الوحيد الذي تأكد لنا بعد كل هذا الوقت الضائع و الفرص المهدورة، هو ان الرهان على حل يأتي من الامم المتحدة هو رهان خاسر والذين لا زالو يتمسكون به هم في نظرنا، إما إن العجز قد بلغ منهم كل مبلغ و صاروا غير قادرين على الاتيان بأية بدائل لتغيير الواقع القائم و هم يتخذون من التمسك به حجة للتغطية على عجزهم تحت ذريعة عدم ملاءمة الظروف للجوء لخيارات أخرى، و إما انهم وصلوا إلى درجة من انسداد الافق السياسي و العقم الفكري جعلتهم غير قادرين على إدراك المعطيات القائمة و تقييم الوقائع الميدانية و البناء عليها لاتخاذ القرارات الملائمة و إقرار الاستراتيجيات المناسبة لإخراج القضية من الطريق المسدود الذي وصلت إليه، و مهما تكن الاسباب و المبررات الكامنة و راء التمسك بالاستمرار على النهج الحالي فإننا على يقين تام من أن إلابقاء على هكذا خيار لا يخدم القضية الوطنية بأي حال من الاحوال و لا يراعي معاناة و تضحيات شعبنا في الأرض المحتلة و في اللجوء و المهجر، بل يصب في مصلحة العدو و الاطراف الأخرى التي كل ما يهمها هو إبقاء الوضع على ما هو عليه لتجنب أي نوع من التصعيد في المنطقة و الذي دون شك سيخلق اوضاعا خطيرة و يؤدي إلي المزيد من التداعيات الأمنية و الاقتصادية ، تنضاف إلى الاوضاع المتوترة و الهشة القائمة و التي يعرفها الجميع مما يصعب التكهن بالنتائج و الانعكاسات ليس فقط على دول المنطقة بل حتى على دول الضفة الشمالية للمتوسط التي تعيش أوضاع اقتصادية جد صعبة لا تحتمل أي نوع من التصعيد.
و ما دام الامر هكذا، و ما دمنا قد جربنا كل الخيارات المتاحة من المفاوضات إلي التنازلات المؤلمة و من التعاون المطلق مع الامم المتحدة إلى النضال السلمي بكل أشكاله ، و لم تاتي كلها بأية نتائج تذكر ، فإن المنطق يفترض ، و العقل يقول، و الواقع يتطلب أن نلجأ الآن و بعد كل هذا الوقت الضائع إلى الخيار الذي يخشاه الجميع، وهو خيار التصعيد ، لكي نضع الكل أمام الامر الواقع و نجبرهم على التحرك لوضع حد لمعاناة شعبنا التي طالت أكثر مما يتبغي و لا أحد يكترث لذلك، و من المؤكد أن هكذا خيار إذا لم يفيدنا ـ و هو بالتأكيد سيفيدنا إذا ما أحسنا استغلال المعطيات الميدانية القائمة و اللعب بكل الأوراق المتاحة بشكل صحيح ـ فهو لن يكلفنا في النهاية أكثر مما كلفتنا أكثر من عشرين سنة من الانتظار و الدوران في حلقة مفرغة دون طائل.
في واقع الأمر و مع مطلع كل عام جديد نتأمل خيرا و نمني انفسنا بأن القوم سيتداركون الأمر و يتخذون قرارات جريئة و شجاعة لتصحيح الواقع و تجاوز اخطاء الماضي ، و لكن و للاسف الشديد، سرعان ما نكتشف إننا كنا نحلم أو كنا واهمين لأنهم يستمرون في السير على نفس النهج و التشبث بنفس السياسات الخاطئة و ارتكاب نفس الاخطاء المميتة مما يجعلنا نصاب بخيبة الامل و اليأس من جديد، لنعود و نتسأل في كل مرة على ماذا يراهنون يا تري؟ و ما الذي يجعلهم يصرون على التمسك بالسير على نفس النهج بعد أن أثبت عدم جدوائيته طيلة كل هذه السنوات ؟ مع أن العالم تغير كليا و السياسات و المواقف تبدلت جذريا و ظهرت معطيات و حقائق جيوسياسية و استراتيجية جديدة في شكلها و أدواتها قديمة في مضمونها و اهدافها ، و هي تؤكد شيئا واحدا و وحيدا و هو أن العالم و ما يسمونها بالشرعية الدولية دائما مع الواقف و القوي الذي يدافع عن حقه باظافره و أسنانه و بكل ما أوتي من قوة و ليس بالضرورة أن يكون صاحب حق ، و ليس مع من يدفن رأسه في الرمل و ينتظر من الآخرين أن ينتزعون له حقوقه، ولو كان صاحب حق.
نتمنى صادقين أن يكون العام الجديد عام صحوة بالنسبة لقيادتنا لاستخلاص الدروس و العبر من الماضي و قراءة الوقائع و المعطيات القائمة بشكل صحيح و البناء عليها لاتخاذ قرارات مناسبة و جريئة لإخراج شعبنا من دوامة الانتظار الطويل التي لم يعد يمتلك لا الصبر و لا قوة لاحتمالها.
1 يناير 2013
0 التعليقات:
إرسال تعليق