18‏/11‏/2012

الربيع العربي يزحف الى الممالك.

اسلامه الناجم

لا جدال في انه من السابق لأوانه التنبوء بما ستؤول إليه الأوضاع في المملكة الأردنية، بعد تصاعد مد الاحتجاجات الشعبية العارمة المطالبة هذه المرة برحيل الملك نفسه، ذلك ان المعركة هنا مختلفة بعض الشيء لخصوصيات عديدة، ألخصها في النقاط التالية .
أولا : البعد الفلسطيني والعلاقة المعقدة بين الأردن والفلسطينيين وإسرائيل، ففي الأردن غالبية فلسطينية واضحة وهي مزيج من الأصول واللاجئين تثير حساسية الشارع الاردني وتطفو الخلافات بينهم على السطح من حين لآخر ،بينما ترى إسرائيل في الاردن وطنا بديلا للفلسطينيين، وكانت منظمة التحرير ولازالت ترى فيه القاعدة الخلفية وخط الدفاع الاول لتحرير فلسطين. لهذه الاسباب يرى الجميع في الهاشميين الحل الوسط الذي يحفظ التوازن من الاختلال لصالح طرف على حساب الاخرين.
ثانيا : البعد الخليجي وخوف ممالكه من انتقال عدوى الاحتجاجات المطالبة برحيل الملك اليها، وهي التي انفقت ولازالت ملايير الدولارات من اجل شراء السلم الاجتماعي داخلها او في محيطها ، وعلينا ان لا ننسى الدور الخليجي في اليمن وكيف سرق بنقوده ونفطه ثورة اليمنيين السلمية، واجهض تطلعاتهم لغد افضل، من خلال صفقة دولية دنيئة جعلت علي صالح ينفذ بجلده من المحاسبة والمتابعة فيما لازالت يده تحكم اليمن من خلال أسرته المنتشرة في مفاصل الدولة وهياكلها، كما يجب ان لا يغيب عن الاذهان مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز القاضية بانضمام الاردن والمغرب الى مجلس التعاون الخليجي، والتي اصطدمت بمعارضة شديدة من داخل الاسرة السعودية، ما حولها الى مساعدات مالية ضخمة الى عمان والرباط لإسكات الشارع المتململ ومحاولة لامتصاص غضبه .
ثالثا : البعد الدولي وخاصة الولايات المتحدة الامريكية لادراكها التأثير الاستراتيجي لتغيير نمط الحكم في الأردن على مصالحها في المنطقة .
وعلى العموم هي أبعاد متداخلة ومترابطة توحد المصلحة المشتركة أصحابها وان فرقتهم السياسات المعلنة وعلى وجه الخصوص آل الخليج واسرائيل والفلسطينيين .
لكن الذي الذي لاجدال فيه ايضا، وهو ما قصدته من هذا المقال، ان النظرية القائلة باستقرار المملك العربية وحصانتها ضد الربيع العربي قد سقطت، ما سيشكل دافعا قويا وحافزا متجددا لحركة عشرين فبراير المغربية، يرتفع معه سقف مطالبها الاصلاحية الى رحيل النظام المخزني الذي هيمن على المغرب لاكثر من خمسة قرون . اذ ان الحركة جوبهت داخل المغرب بمعارضة قوية تدعمها ارمادة اعلامية ضخمة من الداخل والخارج العربي والغربي على السواء، تهدف الى التشويش عليها من خلال دعاية مركزة موجهة الى الشعب المغربي الذي ترتفع في نسبة الامية الى درجات مخيفة، مفادها ان النظام الملكي هو الاصلح والاكثر استقرارا داخل منظومة الحكم العربية، وحاولت هذه الدعاية ان تظهر ما سمي بالدستور الجديد في المغرب وكأنه قفزة نوعية وشجاعة غير مسبوقة من الملك المغربي، وان ما تم فاق خيال اكثر الحالمين بالتغيير في المغرب وتجاوز توقعات المطالبين ببعض الاصلاحات المحدودة. بيد ان الزمن اثبت ان لاشيء تغير في المغرب وان اكذوبة الدستور الجديد مجرد خديعة هذا الامر شدد عليه ابن عم الملك المغربي الأمير هشام في مقابلة مع قناة فرانس 24 في 12 من الشهر الجاري  بقوله ان "روح الدستور" الذي تبناه المغرب العام الماضي في سياق الربيع العربي "بقيت مجمدة" وان الحكومة ما تزال رهينة مهام ادارية بسيطة، مضيفا "لا يجب أن نكون سذجا، فقد بدأت الإصلاحات بضغط قوي من الشارع الذي تحرك في إطار حركة 20 فبراير". 
الان سيعيد الحراك الاردني للحركة الاحتجاجية في المغرب القها وزخمها، وخاصة 20 فبراير وسيحرج خصومها الذين شيدوا منطقهم على دعايات رخيصة ممالئة للقصر ونفاقا له .
اسباب الربيع العربي ودوافعه لازالت قائمة في اكثر من مكان بالعالم العربي  وخاصة في الممالك العربية التي لا ترى حقا للمواطن في صناعة القرار ولا تعترف بمواطنته أصلا ، فالحكم حكرا على العائلة و سلالتها الفاسدة والمفسدة، فلازال العالم العربي بما فيه دول الربيع يرزح تحت الفساد، ويعاني مواطنيه التهميش والإقصاء, وقراره مختطف من قبل عائلة او مجموعة مصالح عسكرية كانت او مدنية، ما جعل الديمقراطية غائبة او شكلية والتخلف يضرب اطنابه ، والمال العام نهبا للصوص الذي يسرحون ويمرحون دون خوف من عقاب او متابعة فهم في حماية الحاكم او هم بعض عائلته وعماله.
على الممالك العربية الآن اعادة النظر في سياستها  قبل فوات الاوان، فالزمن تغير والتحالفات التقليدية، والارتهان المطلق للغرب مقابل الحماية لم تعد مجدية، فلا عاصم اليوم من حراك الشعب المطالب بتغيير النظام سوى التغيير الجاد .
اجزم بان العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، لن ينتهي حتى تكون المنطقة العربية قد تغيرت نظمها وقد قطعت شعوبها اول خطوة على درب الدولة الحقة التي تكفل حقوق مواطنيها جميعا دون استثناء والقانون فيها سيد وفق الجميع .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
electronic cigarette review