12‏/11‏/2012

اوباما رئسا ...و ماذا بعد ؟

 ميشان ابراهيم اعلاتي
كثير هو ذلك الصخب والعويل والحبر والأقاويل التي أثيرت منذ ترشح شاب اسود من أصول أفريقية وبالضبط من قرية كاكا ميجا الكينية اسمه باراك حسين أوباما للترشح لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية, وبدأت أماني المقهورين والمستضعفين من دول العالم تبرز وتزداد مع فوزه بمنصب الرئيس ألـ 44 لأمريكا, كل ذلك أملا في التغير المنشود الذي عرف أوباما كيف يعزف على وتيرته طيلة حملته الإنتخابية, مما حرك فئات اجتماعية مهمشة سياسيا وأخرى غير مهتمة سياسيا, فخطاباته النارية ووعوده الثورية _بالنسبة للخطاب السياسي الأمريكي الداخلي_ دغدغت الرغبة بالتغيير لدى قطاعات شعبية, تعاني من التجاهل من قبل النظام السياسو- اقتصادي الأمريكي. يضاف إلى ذلك ثقل الإرث المخزي الذي تركه سلفه بوش على كل المستويات, لكن السؤال الذي طرحه الكثير من المختصين هو هل سيكون هناك حقا تغيير في عهد أوباما؟ ونكرر نحن كصحراويين نفس السؤال لكن بصيغة أخرى: هل ستشهد القضية الوطنية أي تغيير في عهد حسين أوباما ؟
السياسة الخارجية الأمريكية .. وأثر المدرسة الواقعية ..
يجمع جل المفكرين و
الباحثين على أن السياسة الخارجية الأمريكية ترتكز أساسا على مبادئ المدرسة الواقعية وهناك بعض الباحثين من أمثال مايكل ماستاندونو الذي أشار إلى ذلك بقوله: "إن سياسة الو.م.أ. تتوافق كثيرا مع المبادئ الواقعية، خاصة أن مختلف تحركاتها مصممة أساسا للإبقاء على واقع الهيمنة، ولإقرار نظام دولي جديد يعزز المصالح الأمريكية", وقد أخذ هذا الطرح يتبلور بشكل جذري مع بروز المحافظين الجدد الذين أتوا مع إدارة بوش للحكم مما سمح لهم بالسيطرة المحكمة على مقاليد الساحة السياسية الأمريكية وصنع القرار وقد ركز هؤلاء على السياسة الخارجية وما يدور في فلك العلاقات الدولية وكان من إنعكاسات تلك التصورات على أرض الواقع دخول الجيوش الأمريكية في حروب عسكرية _ أفغانستان والعراق _ غير متكافئة البتة من أجل فرض الهيمنة والقضاء على خطر الجماعات الإسلامية _ القاعدة _ مما خلف صورة مشوهة عن الحزب الجمهوري بقيادة جورج بوش الإبن, وقد شملت تلك السياسات معظم شعوب العالم بما فيها الشعب الأمريكي الذي وجد نفسه محاط بمجموعة من المخاطر أهمها الخطر الأمني وأزمة الاقتصاد العالمية .
ومن هنا جاء الأمل في أن يكون التغيير على أيدي الحزب الديمقراطي لاسيما أن الكثيرين لازالوا معجبين بالفترة الرئاسية لكلينتون كونه ركز في فترة حكمه على السياسة الداخلية, غير أن تصورات الديمقراطيين بدأت تتغير خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر إذ يقول جون كيري مرشح الرئاسة الأمريكية أنذاك: "على الديمقراطيين أن يقاوموا التقليد الآخذ بالتجذر في توجهات الحزب منذ ما يزيد عن75 عاما، وهو توجه يتسم بالتحول نحو تصور سياسي جامد، تقوم على تحريكه فئة جديدة من المستشارين، وراسمي الاستراتيجيات، والقائمين على استطلاعات الرأي، والذين يرون أن الحزب الديمقراطي يجب أن يحصر اهتماماته في القضايا الداخلية" لذا فإن الرئيس الأمريكي الجديد مطالب بالتوفيق بين السياستين الداخلية والخارجية مما يعني أن المهمة لن تكون سهلة, وهذا ما أقر به في خطابه بمناسبة التنصيب, ومهما يكن فإن محور السياسة الخارجية الأمريكية إن أخذت نصيبها فإنها لن تحيد عن منهج المدرسة الواقعية والتي تعتمد على عنصر القوة بإعتباره المحرك الأساسي, ويعتبر مورغانتو من أهم منظري الفكر الواقعي وله كتاب "السياسة بين الأمم" يقول فيه أن القوة غاية ووسيلة (سواء بالإقناع أو بالإكراه) أي بمعنى أدق الحرب الإستباقية, لكن يبقى هناك بصيص أمل يلوح في الأفق لأن حقيبة الخارجية في الحكومة الجديدة أوكلت للسيدة هيلاري كلينتون حرم الرئيس السابق كلينتون وهي شخصية متزنة ومعتدلة ومعروفة على مستوى الساحة الدولية بمواقفها الإنسانية والتي ستكون كأقل تقدير أحسن من كونديليزا رايس على الأقل في سعيها للحد من الحروب والنزاعات الدولية .
باراك أوباما .. ومستقبل القضية الصحراوية ..
يأمل الكثير من الصحراويين وكغيرهم من الشعوب المظلومة والمقهورة بأن تحتل قضيتهم العادلة مكانة في إهتمامات الرئيس الأمريكي أوباما الذي يحمل هموم القارة السمراء وهو الذي يتبنى أفكار أبراهام لينكولن وبإعتباره رئيس أكبر الدول المؤثرة في سير العلاقات الدولية والتي كان لها دور كبير ومحوري في تعميق القضية الصحراوية منذ بداية الغزو المغربي وصولا إلى مفاوضات منهاست المتعطلة والتي تجري على أراضيها, ويعزز هذا الأمل مجمل التطورات الأخيرة ولعلى أبرزها تعيين الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان غي مون لممثله الشخصي بالصحراء الغربية السفير الأمريكي السابق كريستوفر روس, غير أن المتأمل للساحة الدولية وما يميزها من تطورات وقضايا شائكة يجعل هذا الإحتمال يتضاءل كثيرا والدُونيْ من لرْضْ إنَعَتْ لٓقْصِيْهَا, لأن هناك قضايا وأولويات تضعها مجموعات الضغط _ اللوبي الصهيوني _، والمؤسسة العسكرية والصناعات الحربية _ المجمع العسكري الصناعي الاميركي _ وجهاز المخابرات السي أي إي بإعتبارهم مخبر صنع القرار, ومن تلك القضايا التي تضاف للأزمة المالية والاقتصادية قضية فلسطين بإعتبارها القضية المحورية في الشرق الأوسط وإرتباطها الوثيق بأمن إسرائيل هاته الأخيرة التي يعول عليها المغرب كثيرا لترسيخ وديمومة إستعماره للصحراء الغربية وقد أشار إلى هذه النقطة بالذات الكاتب والصحفي يحي ابو زكريا في كتابه "الطريق إلى الصحراء الغربية عبر تل أبيب ".
ويكفي الإشارة في هذا المجال إلى التطورات الأخيرة التي حدثت تزامننا مع العدوان الإسرائيلي على غزة إذ عمدت المملكة المغربية لسحب سفيرها بفنزويلا وأبقت على سفيرها في تل أبيب يحدث هذا في الوقت الذي أشادت فيه معظم الشعوب العربية بخطوة فنزويلا عندما طردت السفير الإسرائيلي, وبالعودة للقضايا التي ستكون محور إهتمام الإدارة الأمريكية الجديدة نجد أيضا تطورات الساحة الأفغانية والعراقية بشكل أكبر وقضية دارفور ضف إلى ذلك عدة قضايا أخرى كقضية معتقلي غوانتنامو التي بدأ بها أوباما مشواره الرئاسي وقضية القراصنة الصوماليين وما يشكلونه من خطر على الخط البحري لنقل البترول وكذا الجماعات الإسلامية المتطرفة وما تشكله من خطر على الإستقرار العالمي وما هذا إلا قليل من كثير وما خفي أعظم .
طبعا كل هذه النقاط إذا ما جمعت تضعنا أمام تصور مستقبلي واحد وهو أن القضية الوطنية ستبقى بين أدراج هيئة الأمم المتحدة التي تدخلت منذ وقف إطلاق النار سنة 1991 ومنذ ذلك الحين ظلت عاجزة عن حل القضية إذ كل ما تقدمت خطوة إلى الأمام تراجعت خطوتين إلى الوراء وطبعا كان هذا نتيجة لتواطئها بصورة أو بأخرى مع المملكة المغربية فتارة يكون هذا التواطؤ عن طريق المؤسسات الرسمية وتارة أخرى عن طريق المسئولين ذاتهم .
ما المطلوب؟
أمام هذه الصورة التي إعتمدت فيها على مقاربة لعدة معطيات واقعية أعتقد أن المطلوب هو أن تعتمد جبهة البوليساريو على قدراتها الذاتية وتستثمر التجربة الفريدة التي مزجت فيها بين العمل العسكري والدبلوماسي والسلمي عبر أكثر من ثلاثة عقود وأن تسعى بإعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي لإستمالت الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة باراك أوباما ولفت إنتباهها للخروقات التي يرتكبها الإستعمار المغربي بحق المدنين العزل بالمناطق المحتلة والعمل جديا ضمن المفاوضات القادمة على حمل المملكة المغربية للقبول بالشرعية الدولية أو على الأقل القبول بمقترح الجبهة, ولن يتأتى ذلك بدون وجود قوى دولية ضاغطة وراعية للمفاوضات تعمل على فك الربط ضمن "المعضلة الاستعمارية", ولما لا تكون إدارة أوباما الديمقراطية لاسيما أن المتتبع لتاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يجد أن إدارة كلينتون الديمقراطية هي التي لعبت دور كبير ومحوري في جمع كل من رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات ورئيس وزراء إسرائيل أنذاك إسحاق رابين تحت سقف واحد ليتم التوقيع في13 سبتمبر1993 بواشنطن على اتفاق أوسلو الذي وصفه كلينتون بأنه "انجاز شجاع." وقال "هذا اليوم يسجل لحظة أمل مشرقة لشعوب الشرق الأوسط، بل لشعوب العالم اجمع،" وتعهد مواصلة اشتراك الولايات المتحدة المباشر في عملية السلام.
وفي الختام أضم أملي إلى أمل الرئيس محمد عبد العزيز الذي قال في لقاء سابق مع جريدة الخبر اليومية الجزائرية أنه يأمل أن يكون إستقلال الصحراء الغربية في عهد الرئيس الأمريكي الجديد باراك حسين أوباما "اللهم أمين".ـ ملاحظة : هذا الموضوع سبق نشره إبان فوز الرئيس باراك اوباما بعهدته الرئاسية الأولى، ولأن لا شيء تغير على مدار الأربع السنوات الماضية نعيد نشرهمن باب تعميم الفائدة ..تقبلو خالص تقديري و إحترامي

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
electronic cigarette review