7‏/2‏/2013

المدينة الفاضلة

امباركة المهدي سعيد
حين يغيب وجه العدل.. يسطـو المفـسدون
وفلول أشباح على درب النهاية ينـهبون
والناس من هول الفضائح.. يعجبون
    بينما كنت اطالع بعض القصائد العربية استوقفتني هذه السطور، دعوت خاشعة خالق السموات والارض، ان لا يكون المقصود هو شعبنا الصغير، هذا الشعب الأبي الذي نفتخر كل الفخر بانتمائنا إليه دون كل شعوب المعمورة.
 غير أن الحقيقة المرة التي تصم الآذان عن سماعها، وتعجز العقول عن تقبلها، هي أن المفسدين  شربوا من دماء ابنائه حتى الثمالة، ونخروا عظامه إلى النخاع.
حين نمعن النظر في كثير من مؤسساتنا التي شيدت بفضل تضحيات نسائنا ورجالنا على حد السواء، بنيت بسواعد لم تعرف يوما التهاون او الاستسلام، مؤسسات، اصبحت اليوم كخبر كان. فمن المتسبب في هذا؟
  إنه سكوتنا عن ظاهرة الفساد بكل انواعه، وتركه يتغلل ويستشري في مجتمعنا،  حتى اصبح داءا مستعصيا، فكيف لنا بالدواء؟
 كما أن القاعدة الهشة لزرع القيم والاخلاق الفاضلة،  تكون في احيان كثيرة سببا في ابتعاد الناس عن الاستقامة، غير أنه في مقابل ذلك، تقف النزاهة التي لا تحتاج إلى قوانين او دساتير، بل تنبع من النفوس التي تعمل بصدق واخلاص، وتنأي بنفسها عن كل ماهو غير مشروع، مخافة من عذاب يوم عظيم لا ينفع فيه مال أو بنون.
 ما فائدة الاحاديث من هناك وهناك،  التي تشابهت وكأنها حديث  شخص واحد لكنه  في كل مكان،  جلسات الشاي الحميمية، سيارات الاجرة،  الاسوق، التجمعات الصغيرة والكبيرة، اصبحت كلها منابر للتعبير عن الحنين لايام زمان، يوم كانت  المصلحة الوطنية هي الآب  الآمر والناهي، وهي فوق كل اعتبار، والآن اصبح المفسد والمتملق والسارق، هو سيد الزمان والمكان والفارس الذي لا يشق له غبار.
وما فائدة البكاء على ما فات، ما يجب فعله هو محاربة الظاهرة بالطرق الصحيحة وفي مقدمتها أن يبدأ كل فرد بتقييم عمله ويحاسب نفسه، قبل الآخرين، من أين لي هذا؟
ثم نعيد النظر في كل ما حولنا، بإصلاح أعمالنا، ومسيرتنا، اخلاقيا، سياسيا، اقتصاديا وإداريا، إصلاحا من القمة للقاعدة.
  ومن أهم  الامور لمكافحة الفساد، هي وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، لضمان  ادارة سليمة لتسيير حياتنا، حينها نستطيع فرض على كل مؤسسة من مؤسساتنا،  أن تبرهن على أنها انجزت برامجها التي تعهدت بها على أكمل وجه، وليس عن طريق اعادة  قراءة تقارير جوفاء حفظت في الارشيف في غابر الآزمنة، وينفض عنها الغبار لدى كل مساءلة.
 يجب أن تكون قيادتنا أكثر فاعلية،  وعلى القاعدة رفض من سيتغلون  المناصب  لتحقيق مكاسبهم الشخصية، وعلى من يسيرون الدولة ومؤسساتها، العمل بالنزاهة والشفافية، واحترام سيادة القانون، وتقوية العلاقة مع القاعدة التي هي الأصل، من خلال اشراك هذه الأخيرة في كل شئ، فنوصل مجتمعنا إلى أعلى مراتب التقدم والرقي.
  اعذروني كنت أهذي بالمدينة الفاضلة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
electronic cigarette review