22‏/12‏/2012

الوفاء للشهداء

المصطفى عبدالدائم
يقال أن الاشياء لا تعرف الا بضدها ، ولا يستقيم الحال والعود اعوج .
لذلك أجد من الضروري والملح أن يتحلى الجميع بروح المسؤولية كل انطلاقا من موقعه ، وان كنت واثقا في الماضي النضالي لصناع القرار السياسي وتقديري الكبير لهم ، فان ذلك لا يمنعني – وعبر نفس الثقة والتقدير – من الجهر أن الامور قد بلغت درجة لم يعد السكوت عنها ممكنا . وأصبح الواجب الوطني يستدعي اعمال مساطير المساءلة والمحاسبة مادامت الخطوط الحمراء قد تم دوسها بالاقدام . وهذا يعني أن أسباب الفشل قد زرعت وأن نتائجه سنبدء في حصادها . تلك النتائج التي ناضل كل شهداء ثورة العشرين ماي وعلى رأسهم الشهيد الولي مصطفى السيد من أجل ليس فقط تجنب الوقوع فيها ولكن بتر كل اسبابها وتجريم مقترفيها والدعاة اليها .
لقد واتتني في السابق  فرصة من أسف وندم أخرجتني عن طوعي من أجل التنبيه بالصراخ والدموع أن الخطوط الحمراء قد تم دوسها ، وأن المنزلق الواحد يفرض علينا جميعا واجب ليس فقط  التحذير من النتائج ولكن العمل الفوري على اعادة الامور الى وضعها الطبيعي القادر وحده على تأكيد أن الوحدة ليست شعارا ولكنها اختيار استراتيجي ...
ان من وضع نفسه خارج مبادئ ثورة العشرين ماي وخالف مقررات مؤتمرات الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، وتصرف ضد التوجه الاستراتيجي العام المؤسس على الوحدة الوطنية، يجب ان يوضع حيث يستحق ان يوضع لا اقل ولا اكثر ...
ان الاستمرار في سياسة ذر الرماد في العيون و ترويج ان ما يرتكب من اخطاء قد لا يؤثر على التوجه العام ، ولا على سؤال لماذا تأخرنا في بلوغ الحل النهائي ؟ كلها معتقدات واهية وذاكرتنا ليس بالضعف الذي ينسينا تجارب مريرة عشناها ولم نتجاوز تبعاتها لحد الان .انا مؤمن ان الذهاب الى المستقبل لن يتحقق ابدا بالتخلي عن جزء منا ومن تاريخنا النضالي .. ومؤمن ايضا انه ما لم نتحلى بالقدرة والقوة  للتطهر من كل الشوائب ومن ( الكويفرة ) تحديدا ، ومن تعليق كل اخطائنا على مشجب المخابرات المغربية ، وما لم نواجه كل هذا بصدق وصفاء فاننا حتما سنتأخر كثيرا وكثيرا جدا .
لقد تبدى لمن ينأى بنفسه عن الوقوع ضحية الأمزجة الشخصية وأهوائها أولمن يمتنع عن قراءة التاريخ وفق منظور ابن خلدون المبني على العصبية القبلية أو الدينية ، أنه بامكاننا ونحن نبحث في جذورنا أن نستعيد كل الذين بفضلهم نسير اليوم بخطى واضحة لتحقيق ولأول مرة في تاريخ هذا الشعب الصحراوي فرصتنا التاريخية في الحرية والاستقلال واستنادا الى مشروع وطني تحرري تؤطره أسس نظرية قاعدتها أن الحقيقة نصنعها جماعيا ولا نمتلكها بالمفرد .
ان المزاوجة بين الرصيد التاريخي وبين الوعي بقدرات الذات على الاداء والعطاء والتجدد. و الايمان ان سيرورة العمل النضالي في اطاره السياسي والثقافي لابد له من معرفة كيف نتحرر ونحرر بمعنى ان نحرر الانسان والارض معا . ولعل اهم سبل التحرر التخلص اولا من بعض انواع اليقين التي اكتشفنا انها خارج سياقها او لم تعد في موضعها ومنها أن الانصات للذاكرة لا يجب ان يكون اهتماما منصبا على الماضي بل يجب وبالضرورة ان يكون تفكر في المستقبل واشراك للجميع تحت طائلة الوحدة الوطنية التي تستوجب منا الان والان بالضبط تدقيقا في  التعريف يقطع مع استغلالها اللفظي وتحوير غاياتها لصالح اهداف منتقاة ومصالح بعينها .
لا اريد ان اجازف ولكن واجبي اتجاه المستقبل يلزمني بالقول انه لا وجود لثورة محافظة ، كما أنه لا وجود لتجربة نضالية سليمة وطاهرة ، ولذا وجب التوجه بالنقد كاحد المبادئ الستة عشر لهذه التجربة والا فانها ستحجب عنا الرؤية والتمثل الجيد لمعطيات الواقع وتحولاته .
من المؤسف أن يختزل الفعل النضالي في شخص وأن يترك تدبير مرحلة بكاملها لابداع فردي . ويتم التعاطي مع الاخطاء القاتلة بمنطق تزييف الوقائع وتحريف الحقائق والدفع ببعض الامور لتاخذ منحى تسلطي على حساب الطاقات الجادة والامكانات القادرة على خدمة القضية الوطنية وعلى جميع المستويات وقد برز ذلك بشكل جلي في تسويق من اساؤوا للقضية الوطنية اساءة استغلها العدو ورغم ذلك لم تتأثر اسهمهم ولم تتأثر مواقعهم المكفولة سلفا وعلى حساب من قدموا أرواحهم ودماءهم وأموالهم ووظائفهم فداء للوطن ...
لقد تعلمنا من التاريخ ان التخلي عن الروح النقدية يولد ثقافة التسويغ والتبرير ، ويوظف المنتوج الثقافي الرمزي لخدمة مصالح ظرفية لا تصمد امام امتحانات التاريخ .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
electronic cigarette review