المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي اول مجلة صحراوية حرة ومستقلة تصدر بمخيمات اللاجئين الصحراويين

29‏/1‏/2013

أصحاب المرايا المحدبة...؟

كبادة حمد السيد
 أعجبني كثيرا ذلك الموضوع الذي كتبه الأخ المحترم حمادي البشير تحت عنوان (المرايا مرايا مقعرة) لينهيه  بالمرايا المحدبة ليفتح لي المجال وبصفة غير مباشرة لأتحدث عن بعض مواصفاتها وتاريخ نشأتها .... فهل هي الصدفة ام القدر؟.
لماذا المرايا عندنا محدبة؟ والى متى ستظل كذلك؟ ,برغم من ان الكثيرين.... لا يعجبهم الوقوف أمامها ...اطمئن أخي القارئ لن أساير احدا كما لن اروي القصص بل سأحاول قدر الإمكان ان أقف أمام تلك المرأة العادية المنفردة لوحدها في زاوية من ذلك البيت المتواضع او تلك الخيمة المنزوية في طرف إحدى أحياء  مخيماتنا اللطيفة بطبعها ...
قد يظن ذلك الشخص ان  الوقت يمتطي سهوة أحلامه التي تعكسها تلك المرأة المحدبة التي اعتاد على الوقوف أمامها في كل ملتقى او  ندوة او محاضرة او مؤتمر ليؤكد للآخرين انه فعلا يقف أمام مرآته  الخاصة التي تنزوي في صالونه الفاخرة  فيتحدث للجموع عن السياسة وعن الاقتصاد وعن المجتمع وعن الانتصارات ولكن وبصرف النظر عن ما يراه ذلك الشخص المحترم من زاوية انعكاسه الخاصة باتجاه اليمين  فأنه يروي لهم  ما زاويته مئة وثمانين درجة باتجاه اليسار ,....تصفق الجموع بحرارة شديدة لا مثيل لها ولا عجب في ذلك ما دامت تلك الجموع صادقة في الإنصات والاستماع لأن سنوات الانطلاقة أجبرت الجميع ان يرى نفسه في مرآة عادية منفردة لتحظر بذلك التجوال على أصحاب المرايا المحدبة؟ انذاك ابتسمت الجموع اللطيفة ...وانتشرت  بينها الألفة والرحمة والطمأنينة والتسامح والنقد البناء الذي تمكن من جعل جميع المتناقضات في بوتقة واحدة رغم شح الإمكانيات لسنوات طوال لكن ذلك لم يستمر (فزيد )لم يتجاوز سن المراهقة حتى ظهرت المرايا المحدبة بشكل لافت للانتباه.  
القارئ الكريم  إلى متى ستظل المرأة عندنا محدبة برغم من أني  والآخرون لم نشاء يوما ان نضعك أمام مرآة مقعرة فقط هي الموضوعية والمنطق... قل ما تراه في حدود حريتك ومساحة بيتك  الطيني المتواضع فقد لا نحيا جميعا لنرى أنفسنا من جديد في المرأة  التي اخترتها ؟
...لكن حذار أيتها الجموع اللطيفة فهناك من يزعجه كل شي عادي منفرد وقد يفعل بأصحابه ما فعل بالمرأة العادية منذ ما يقارب خمسة وعشرين سنة خلت
kabadarasd@gmail.com            


لقاء أيقظ حلما

 محمد حسنة الطالب
  التقيا صدفة بواحد من مخيمات اللاجئين الصحراويين بالجزائر ، وكانت حرارة عناقهما تستقطب كل ذكرياتهما لتحيى على بر التذكر والتطلع إلى ما يصبو إليه كل صحراوي غيور ، فأزهر في مخيلتهما عهد الطفولة وسنوات الدراسة ، وأشرقت في ذاكرتهما شمس أيام قضياها معا مع رفاق الدرب والسلاح ، ووصل بهما المطاف إلى تلك اللحظة المحيرة التي كان فيها اللقاء ، والتي لولا قيمة الصداقة والأخوة التي جمعتهما منذ الصغر لذهبت التقاسيم وكل الملامح والخواطر أدراج الرياح ، و لتاه كل منهما عن الآخر إلى الأبد ... أمعن كل منهما النظر في وجه صاحبه وبدءا ينبشان بأرشيف صداقة دامت لزمن طويل تخللته المآسي والنكبات تارة ، والأفراح والأتراح تارة أخرى ، لقد مكنتهما إرادتهما وعهدهما لبعضهما من استعادة كل شئ دون ترتيب مسبق ، ورغما عن قدر الفراق الطويل ، وآفة النسيان .
     نظر سعيد إلى المحبوب وقال : سوف لن يسعفنا الحال هنا لسرد وتذكر كل شئ ، فهيا بنا إلى الخيمة نقيم الشاي ولتلقي التحية على العائلة ولترتاح معنا هذه الليلة على الأقل ...
    جال بخاطر المحبوب مكان ألفه في زمن ذهبي وقد أصبح هذا المكان دارسا ، وحتى السبيل الذي كان يسلكه إليه باستمرار أصبح باليا ، فلم يعد يتذكر الموقع ولا موضع أقدامه في ما أصبح عليه المكان من اكتظاظ وازدحام .
    سار سعيد يمشي الهوينى يستثمر الطريق الطويل بعض الشئ ، بسيل من المجاملات والنوادر دون أن يغفل الثناء في كل مرة على زمن لم يعلو فيه صوت على صوت الرصاص ، ولم يطغى فيه هدف على نيل الاستقلال ورجوع الشعب إلى دياره .
    سار معه المحبوب وقد انتابه دوار جعل الواقع يبدو أمامه ككوم رماد ، لا شئ فيه يؤشر لذكرى أو يهدي إلى هدف ، أصغي إلى رفيقه ومسح على عينيه ونظر أمامه فوجد نفسه كمن يسير في الضباب البارد وملابسه رثة والدفء مقصده ومبتغاه ، انتابته قشعريرة وخجل من نفسه كونه قصر في زيارة تلك العائلة على مدى سنوات وسنوات ... أسف على الزمن الغادر الذي فعل به فعلته وساقه في هذا التيه اللعين ، حتى نسي عائلة الشهيد ، تلك العائلة التي قاسمت أهله السراء والضراء ، واشتركت معهم رغيف الخبز وقليل الماء ، بل وافترشت معهم الأرض والتحفت معهم السماء بعد أن قصفت جيرتهم بالنابالم والفسفور ذات يوم ...
    يلتفت سعيد بعد أن رأى المحبوب شاردا متأخرا عنه بخطوات ، أخذ يتحسس شفتيه في حيرة ، وبعد هنيهة وتردد كبير قال : هل طرأ عليك شئ يالمحبوب ...؟ ألم تحسم أمرك بعد ...؟ ثم أردف : إذا كان لديك أمر هام فلا بأس في أن تأتينا في وقت آخر ... كان كل سؤال طرحه سعيد يمثل صفعة للمحبوب وينبئه بما كان يتربص به طيلة سنوات اللا حرب واللا سلم  ، ويزداد تألما وحسرة في تلك اللحظات العصيبة كونه وجد نفسه في موقف حرج تتقاذفه فيه التجاذبات والميول التي تكاد أن تسلبه غرارة نفسه ، فما بين الأمس واليوم تغير كل شئ ... ، وما كان من المحبوب إلا أن يرد على صاحبه بعد أن استدرك أمره وضبط وجهته : هل تظن يا سعيد أن مثل هذه الفرص يضيع مهما كان الواقع رماديا ؟ ألا تعرف أن اللون الرمادي هو خليط بين اللون الأبيض والأسود؟ ألا تعرف أننا كنا نعيش في الظلام قبل أن يكون وضعنا رماديا ؟ ألا تعرف أنه من خلال هذا التحول يمكن أن يصير المستقبل ناصعا مضيئا لا رماد ولا سواد فيه ؟ يردف المحبوب قائلا : أنا لست يائسا ولا متشائما فبعد العسر يسرا .
     اتضح لسعيد من كلام صاحبه أنه قاص في الذكريات وتوغل في كل تفاصيلها وحيثياتها ، وإلا ما كان ليحث الخطى للحاق به ، احتضنه وربت على كتفيه وطلب منه أن يتماسك على الأقل أمام والدته الشديدة التأثر ...
     أكملا بقية الطريق ودلفا إلى الخيمة ، كانت فاطمة الغالية تغط في نوم عميق في الوقت الذي تحلق الأولاد والبنات حول المحبوب والشوق يعتريهم في نشوة غامرة جعلتهم يتجاذبون زائرهم الذي لا تسعه كل عبارات المحبة والثناء ... فظلوا وباتوا متمسكين به لا يرضى أي منهم تركه للآخر ، وفي أثناء تلك الفرحة العارمة التي سادها ضجيج حذر تسربت اليقظة إلى عيون الغالية شيئا فشيئا ، وبهدوء أخذت تحكم طرف لحافها على رأسها مرددة بصوت يغالبه النعاس : أنتوما أمالكم ، أياك لباس ؟ صمتوا جميعا والابتسامة لم تفارق ثغورهم ، وما كان من سعيد إلا أن يتكلم خوفا من أن يثير استغرابها هذا الصمت المفاجئ ، لأنه يعرف قيمة الزائر عند والدته وما سينجر عن مفاجئتها برؤيته ، فابتلع ريقه وقال بأسلوب تمهيدي :
     ـ الغالية أنت تعرفي أهل عبد أسلام ؟
     ـ واللاهي ياوني !!! أمالهم ؟
     ـ ريحتهم دخلو أتراب !؟
     التفتت الغالية وما إن رأت المحبوب حتى شعرت بأن ما في الخيمة يدور حولها ، فتماسكت حتى استعادت توازنها ، وأطلقت زغرودة تردد صداها في كل الأرجاء ، ثم تنهدت بنفس طويل تردد بصوت متقطع ودموع الفرحة تنساب على خديها : هذا لستقلال ... "ياربي لا عكبتها كشرة" ، فاحتضنت المحبوب بحرقة الشوق وطول الانتظار تقبل جبينه وتتنشق ريح عطره الجميل الذي ينعش في النفس حب الحياة وقيمة الوجود ، ولسانها لا زال يردف : أحلمت بيه يا مرحبة ماهو أبعيد يا ويلو ... اللا نحن نبغوه باط أوهو غالي علينا ...


يفعل اللين مالا تفعله الشدة

حسنا خلاد
انت تتجول في الشوارع تستوقفك مناظر كثيرة لظواهر عديدة بدأت تنبثق داخل مجتمعنا وتعودنا على رؤيتها . ومن بين هذه الظواهر  التي تثير التساؤل  حقا هو منظر عشرات بل المئات من الرجال والشباب جالسون على قوارع الطرقات ونواصي المقاهي , إزاء القيل والقال وتعرية تصرفات هذا وذاك والنظر إلى مؤخرة الرائحين و العائدون، لم اجد وصفا يليق بهذه الأعين  المصطفة التي تحدق وتتفحص المارة دون إستحياء حتى إن الإنسان لا يشعر بالقلق والتوتر وهو يجتاز هذه الاوكار التي ترخي اسدالها على امتداد الشوارع .
مما لاشك فيه ان ظاهرة  انتشار هذه المقاهي  اكثر من الحد المعقول واكتضاضها بالعاطلين يدل على كسل وخمول المجتمع .
اما نوع الوظائف التي تقدمها لمريديها هي التسلية والترفيه عن طريق لعب " الكرطة " و"ظامة "و"ضومينو"   وغيرها  وهناك مقاهي للأغنياء والطبقة المتوسطة ومنها مقاهي معروفة  بالسماسرة  "البزنس" والقمار  أوالشيشة وأخرى للدعارة يلجئ إليها من يبحث عن شريك جنسي, تعددت الاختصاصات والمقهى واحد,إذ اصبحت  المكان المفضل الذي ياؤي إليه الكثيرون لهدر الوقت وإغتيال الزمن ومشاهدة المباريات، حتى ان فئة كثيرة ادمنت على هذة البؤر  ولاتعود لبيوتها إلا في اوقات  متأخرة لتناول العشاء او الخلود إلى النوم،  فالإنسان الذي تدهب ساعات يومه هباء منثورا داخل هذه الفضاءات  "فالرد الراكم" دون ان يدرك قيمة وقته وفيما انفقه مجرد انسان يزاحم البشر على الأوكسجين ويضاعف من ثاني أوكسد الكربون  فوق الأرض في عشرينيات القرن المنصرم .لعبت هاته الأخيرة في المنطقة العربية دورا مهم حيث كانت تجمعا للأدباء  والفنانين  والمثقفين  وقاعدة لانطلاق  المناضلين ومنبع لتغدية الفكر وفي المناطق المحتلة وجنوب المغرب حسب علمي لايوجد مقهى  ثقافي  يتوفر على مكتبة وشبكة أنترنيت بدون تدخين،  تقام فيه ندوات وتفتتح فيه  صالونات  فكرية بين الاصدقاء ولو توفرت هذه الشروط لكان الحال  أفضل  بدلا  من هذه الجحور التي تشرع ابوابها لفئات عمرية عديدة من سن 18 وما دونها  وهذا صيد سهل يعلق بشباك الشيشة والمخدرات وما جاورهما فهدا نمط إستهلاكي  خطير في المجتمع ونوع من الغزو  الثقافي الذي يهدد الهوية الصحراوية حذاري  يفعل اللين ما لاتفعله الشدة .

محطات من التجربة السياسية : تجليات وأبعاد

 د/ المحجوب النعمة *
كان ولازال لبعض المحطات في التجربة السياسية  الوطنية أثر بالغ و دلالات عميقة  لما نحن نتخبط فيه اليوم من المشاكل التننظيمية  على وجه الخصوص، وما لذلك من انعكاسات سلبية على مستقبلنا السياسي  ..ولقد أثير خلال مسيرتنا النضالية جدل واسع لدى العديد من المهتمين لتصوير المعالم السياسية لمراحل بذاتها كمحاولات نقدية تروم تشخيص مناحي عجز وقصورالتنظيم السياسي ـ وهي مواضيع متداخلة وشائكة ـ وذلك بغية الإجابة عن بعض التساؤلات و الإشكالات الراهنة وفي سبيل صقل التجربة وتحصينها من شتى الإختلالات والإنحرافات الممكنة...
عموما يشي المرحلة الراهنة الكثيرمن الفوضى السياسية  :
ـ خلط  للمفاهيم وضبابية في الرؤى وغياب للتحليل العلمي ..مما جعل الكثير من مواقفنا الرسمية مقيدة بدواع مخجلة، تتستر وتلتف تحت عباءة الظرف الإستثنائي وذرائع  أخرى مماثلة، تنتظر حدوث المعجزة التي تتتشكل وتتحدد  في الغالب عبر ما يمليه  الآخر لا ما نمليه  نحن  ..فكنا في العديد من المسارات منجرين وراء الأحداث والطوارئ هنا وهناك لنعود الى سباتنا العميق ننتظر ، نترقب ، نرتجل ، نتسلى .. وأحيانا يطول بنا الإنتظار فنوهم النفس بنجاحات باهرة .. فنحتمي وراء تقاليدنا السياسية  المشبعة بطقوس القبيلة وهوس التملك والسلطة ..لا يزال العمق مفقودا، كما لازالت سياسة اللف والإلتواء معتمدة. فالمضامين السياسية رؤى وتصورات مجردة ، ولا ترقى إلى مستوى الفعل المنظم . شعارات مغرقة في غوغائية مطلقة .. بحث مستميت عن امتيازات هنا وهناك ، كثير من الجلبة وقليل من العطاء!! لقد أصبح للمرحلة فرسانها بعدما خفت دوي المدافع ..وكثر منظروا الحقبة الجديدة ممن يجيدون لعبة الغزل السياسي ويقبلون بالترضيات إرضاء لخواطرهم الرهيفة كممثلين لبعض ألوان المربع السياسي  في ظل عهدة السلام الأممي الذي سيجلب لنا المنافع!!  ولا أروم تعميم هذا التقييم  وسحبه على كامل  التجربة  لأنه في الواقع جاء ليؤطر المرحلة الحالية من مسارنا النضالي ..لأن المراحل الأولى للثورة اتسمت بالفرادة والتميز والنبل والعطاء وفي أجل الصور.. وليست المحاولة تقيما لتجربتنا الوطنية ؛ لأن للتقييم شروطه من تجميع للمعطيات ورصد للظواهر وابراز لعناصر السلب والإيجاب ، وبمشاركة جماعية وعبر تصورشمولي مؤسس موضوعيا على منهج علمي ...الخ لكن المشاركة تدخل في سياق الإسهام في خرق جدار الصمت والتعتيم والتمويه الذي يلف العمل الصحراوي في الكثير من المناحي التنظيمية السياسية . لنقل انها محاولة نقدية تلامس بعض الجوانب المعيقة لمسارنا النضالي نعري فيها بعض مما هو مسكوت عنه من تراكمات؛ كونها مجسد بين لبعض ما نعانيه  اليوم من تعثرات وانحرافات ،وتمثيل  واقعي لمجموعة من الأدواء التي تنخر راهنا التجربة التنظيمية.... 
1 ـ المحطة  الأولى  الأساس :
لقد شكل تأسيس الجبهة الشعبية و انطلاق الكفاح المسلح سنة1973 المحطة الأبرز في تاريخ  شعبنا .... كان الحدث جبارا ومثل منعطفـا  تاريخيا في مسيرتنا النضالية و كان الأساس لبلورة تصور مستقبلي لبناء المجتمع الحداثي البديل على أنقاض المجتمع التقليدي وذلك في أفق ترصيص اللبنة الأولى لبناء الدولة الصحراوية المستقلة . وطبيعي ،  كانت النشأة عسيرة أشبه ماتكون بالولادة الفيصرية في ظل صراع محموم بين عقليتين: تقليدية بائدة ،وأخرى تطمح للسيادة بأفكارجديدة وأنماط معينة من التعامل والسلوكات .هذا الوضع فرض وافعا خاصا ومواجهات بين شد وجذب اتسمت في بعض المراحل بالحدة .. أمام هذا الواقع وجد التنظيم نفسه أمام خصمين في آن : الإستعمار وأعوانه ،ومجتمع محافظ  في طور الحداثة والنشوء يترصد خطاه نحو مستقبل محفوف بالمخاطر حيث يشع في الأفق بصيص من الأمل والحضور..وقد تم في النهاية حسم الموقف على المستوى الذاتي  بتخفيف وطأة التصادم و ترويض عقلية المجتمع وتأطيرها للتفاعل مع هذا المعطى الجديد بوصفه البديل الموضوعي الضامن للشعب أصالته والمتساوق مع تطلعاته نحو التحرر والإنطلاق..  وذلك رغم تكالب المؤامرات ومحدودية الإمكانيات و الكثيرمن المآخذ... كما استطاع التنظيم السياسي أن يخلق معظم الشروط  الكفيلة ببناء المجتمع/الحلم ، وأن يلف حول مشروعه السياسي جماهير عريضة ،وأن يرغم الغزاة على الإعتراف بوجود مفاومة صحراوية يصعب تجاهلها ؛ بل وأن يقنع المجتمع الدولي بعدالة القضية...وتواترت أحداث عظمى على مر التجربة..فسجل شعبنا انتصارات كبرى وجنى استحقاقات  ومكاسب قوية  تضاهي في قوتها وعظمتها قدر ماقدم من تضحيات وماكابد من معاناة ...
2 ـ الدولة الصحراوية النموذج : بين آليات العمل وتداخل المفاهيم .
لم يكن قيام الجمهورية الصحراوية الا التجسيد الفعلي والملموس الإسهام جماهيرنا في معترك النضال وتتويجا لمرحلة حافلة من البذل والعطاء ،مرحلة كان نكران الذات عنوانها الأبرز وملحمة سمتها التضحية التي يتسامى فيها الأفراد نحو الشهادة غير آبهين بزخرف الحياة وملاذها ولابظلال السلطة وهباتها ومرائها ..قدم شعبنا قوافل الشهداء ومئات المعتقلين وتحمل كل صنوف القهر والمعاناة والإذلال وعانى الشتات والتقسيم والمنافي  ولم تفتر عزيمة المقاومة ولم تخفت جذوة النضال .وكان لابد أن  تدفع ضريبة الكرامة وصون الوطن لتكون عربونا على التمسك بالمبدإ وبالقناعة النابعة من صدقية القضية وقدسيتها فحظي شعبنا باحترام الشعوب المحبة للعدل والسلام ....لقد مر شعبنا من أحداث عصيبة واستطاع أن يخترق الحجب الظلامية ويكسر الأصفاد التي تروم كبح جموحه نحو الخلاص من ربقة الإستعماروالإستعباد والإذلال ..واليوم يقف أمام تحديات كبرى تستوجب اليقظة وتكافل كل الجهود وفاء لتضحيات شهدائنا ....ولقد شكلت ملحمة أكديم إزيك حاليا الحدث الأبرز الذي يؤرخ لمعالم مرحلة العمل المستقبلي وطرائق النضال مرحلة فاصلة تقطع الصلة مع كل نواقص الماضي وتؤشر لدخول شعبنا بالمناطق المحتلة في المعركة كمعادلة صعبة تؤرق مضاجع العديد من الدوائر النافذة وبالاخص العدو المغربي، كما تعيد الحسابات في التعامل معها كظاهرة فريدة  كان لها السبق في تأريخ ما يصطلح عليه اليوم " الربيع العربي" والذي توج بانطلاقة صحراوية...نقلت للعالم رسائل التحدي ورسمت حدود المواجهة وأشكالها ودرجة التنظيم  والإنتظام  فألغت  تلك القيود الإجتماعية المعيقة للفعل الثوري بانصهارها كلية في صلب المعركة دون اعتبار لحسبات ظرفية أوتوازنات عرقية أوخصوصية جهوية . لقد تماهت كل الألوان في لون وطني واحد لا يقيم توازناته على قوالب جامدة تمتح من  طقوس الماضي  وأعرافه ولكم تجاوب الشعب تلقائيا مع هذه الحركة النضالية ولازال صداها الملعلع يصدح في الأرجاء  .
إن الأحداث في مسيرة شعبنا حافلة بالدروس والعبر. وهناك محطات بذاتها في أمس الحاجة إلى تقويم ثوري يلغي من حساباته سياسة تلك الحلقات الفارغة والمناسبات المنسوخة  التي تتعلق بتلابيب الماضي ولاتمجد منه الا ما يخدم المصالح الضيقة لبعض النافذين من ذوي القرارالسياسي!  ولايتم ذلك التقويم إلا من خلال نفد موضوعي ومسؤول ينفذ إلى العمق ويكشف الخلفيات الكامنة وراء تلك المسلكيات الخاطئة التي تحاول الجهات حجبها والتستر علىانعكاساتها و وتداعياتها السلبية ؛ والتي شكلت ـ كمحصلة ـ عوامل معيقة للعمل الثوري ، ترتب عنها إصابة التنظيم السياسي بشلل شبه تام والذي ظل عمله ـ في السنوات الأخيرة ـ مطبوعا بالشكليةوالرسميات مقيما الوزن في الغالب لإعتبارات يتتأفف منها المناضلون ويتندر بها الخاص والعام !! وذلك لانه ببساطة يتعارض مع مبادئ الحركة ويعيد نسخ وقولبة النماذج التقليدية و المنبوذة من القاعدة  بشكل مموه و يعيد صياغتها من جديد وفق آليات مبتكرة ومستوحاة من خزانتنا التقليدية.. هو ذات ذات النسق  الذي سيكبل  و يعيق في المستقبل  تطلعات شعبنا نحو مجتمع ديموقراطي تسوده العدالة ويحكمه القانون ..
3 ـ العد التنازلي : أدوات وبرامج
إن الأدوات العاملة ميدانيا ليست معطى ثابتا لا يمكن الإستغناء عنه ، فلقد أبانت التجربة أن هناك الكثير من العناصرظلت تشغل مواقع حساسة رغم ضعفها أو محدودية عطائها وقلة معرفتهاولربما حتى إخلاص البعض منها؛ ورغم ذلك ظل النظام متشبثا بها خاضعا لإبتزازها السياسي بالتلويح بورقة القبيلة كمطية للمساومة ،واعتبارات أخرللمزايدة .. لكن حين تفقد امتيازاتها وكراسيها تسقط في حبائل العدو وتمارس دورها الإرتزاقي لديه وهناك عدة أمثلة ..إن مايحافظ عليه هو الثبات على المبدإ أيا كانت مواقع العمل أو "اللاعمل"!...ولقد انعكس ذلك التعامل سلبا وعلى الكثير من المستويات والميادين وبدأنا نشهد تراجعات متلاحقة.!!
فمكاسبنا الديبلوماسية مثلا لا يمكن ابتسارها؛ ورغم ذلك تبقى بحجم مازج به في هذا الميدان تتسم بالضآلة بل تكاد تخبو بعدما انحسرت الإعترافات الدولية اللهم ماجد على الساحة الأوربية مؤخرا وهو بالغ الأهمية .لكنه في ظل تجميد بعض الإعترافات يستوجب منا وقفة مع الذات لوضع حد لهذا العد التنازلي. كيف يمكن تفعيل الأداة الديبلوماسية حتى تتناغم  مع مستجدات الساحة بما يقتضيه ذلك من متطلبات مادية وبشرية وعلى أساس استرايجية محددة الأهداف والأبعاد ؟ ما أسباب النكسة او الكبوة الديبلوماسية رغم "تجديد "الأدوات"؟أم أننا نتحين الصدف؟ كيف يمكن استغلال المنابر والوسائط الإعلامية لإكتساح الساحة الدولية؟ أسئلة كثيرة....نحتاج لمساءلة الواقع ومراجعة شاملة لأساليب العمل وعلى كل الواجهات ومثل هذا التقييم  يجب أن يكون سلوكا تنظيميا ملازما لا شكليا،  تتاح فيه الفرصة للمناضلين الخلص للإدلاء بآرائهم وأن يقحم في المعترك كل من يهمه الدفع بالتجربة الصحراوية إلى الأمام ويروم صقلها من الشوائب وأن لا تتقتصر المشاركة على ذوي الحظوة والجاه والتابع والمتبوع .. وأن لا نتجنى في حق المناضلين عن طريق التهميش والإقصاء لكل من جهر بصوته يروم الإصلاح ومن صلب الحركة ،وألا ننحي باللائمة على الآخر بإلصاق التهم المجانية وأساليب التدليس ؛ إذ لا برهان يحتكم له وبموضوعية غير عطاءات الأفراد عبر ماضيهم وحاضرهم السياسي لا عبرالمزايدات والحذلقة السياسية. يمكن القول على هذا الأساس بأن هناك ردة مجسدة من خلال مسار تراجعي متلاحق اللبنات وممنهج لإفراغ الثورة من مضمونها النضالي وتأطير المرحلة بالشعارات الثوروية   ...إن الظرفية التي تجتازها قضيتنا اليوم تقتضي تغييرا في المناهج وأساليب  العمل وآلية جديدة للتوجيه والتأطير السياسي أوبالأحرى التربية السياسية عموما...إن خلق مثل هذا المناخ يجعلنا في مواجهة مباشرة مع الذات كما يفرض علينا إعادة النظر في بعض المفاهيم السطحية باعادة صياغتها بما يتناسب مع مستوى تطور الذهنية الصحراوية راهنا والتي باتت تطمح إلى التغيير بعدما أعياها غي بعض السياسة خاصة ممن كانوا دعاة للتغييرفي مرحلة ما  وركبوا موجته مغرقين في انتهازية لا تخجل مما جنيناه في غهدتها من تفكك وتراخ  وانفلاش ... كان مخاض تلك السنوات عسيرا وهو في نظري آفة تنظيمنا السياسي اليوم ..لقد أصبح شعبنا في ظل هذه العهدة  بدون استقلالية وانزاح التنظيم السياسي عن تلك الثوابت المبدئية  فاسحا المجال لموجة الوصولية وممثليها الإنتهازيين ، تلك الأدوات التي تتحمل وزر ماجنيناه من كبوات في مسيرة التحرير الوطنية ؛ انزاح فاسحا المجال لسلطة الدولة على حساب الثورة .
4 ـ بين الثورة والدولة :
لقد ولدت إشكالية مفهومي الثورة الدولة منطقا جديدا في آليات العمل السياسي مشوب بالضبابية وضيق الأفق، وأصبح كل ماهو ثوري في الخانات الثانوية للحركة ونمت عقيليات جديدة مبنية على النفعية والإسترزاق وجني المكاسب الذاتية حتى باتت مظاهرها أمرا معيشا ومستساغا وأصبح البعض يحاول تأمين المستقبل عبر سلسلة من الإجراءات والمبادرات المغرفة في الذاتية مما فرض انكفاء للتنظيم  بتحين المناسبات ليسبع فيها ما أمكن من الحلل  الزاهية ، ويوشح المرحلة على غير عهد بوشاح الشكل على حساب الجوهر،والغاية تبرر الوسيلة ... .وباختزال ،لم يعد الهم تجذير الحركة وتقوية بنائها وتجديد أساليبها ـ رغم كل الأصوات المتعالية، ذات الحس الوطني والتي تروم خدمة القضية ـ  بل أصبح الهاجس الكسب المادي والتسلق السياسي ولو على حساب الثوابت. لقد وجد كثير من المناضلين أنفسهم مقحمين في أتون هذا التوجه ـ وعلى مستويات ـ لأنه لا يمكن  أن نتصور كيف يكون واقع الحال حين تغيب الأخلاقيات . وليس هذا تبريرا وإنما هو تقرير موضوعي لواقع فائم لاتدحضه الأحداث(وهناك أرقام نخجل عن ذكرها لممتلكات بعض الساسة وبالكثير من المواقع) . إن التغاضي عن تجسيد بعض نواقصنا ونبذ مثل هذه  السلوكات الخاطئة هو الذي قوض وهد أسس تنظيمنا الجبهة  . فمسؤلية المشاركة لمسالة الواقع وحل هذا الإشكال /المعضلة ذاك التخبط البيني مسؤولية جماعية وذلك من خلال طرح وطني ونقد صادق من داخل الحركة ولخدمتها؛ لكن المؤسف أن  التنظيم السياسي نفسه قد أسهم في تفشي هذه الظاهرة لما غيب الفعل الثوري ونمت على أنقاضه عقلية الإدارة . ..إن الدولة الصحراوية هي خيارنا الإستراتيجي لكن لابد للثورة أن تحتضن الدولة وتقدودها وأن يكون تقييم الأفراد مؤسسا على ضوابط وقواعد تنظيمية وأن يكون التنظيم السياسي بمثابة  الحلقة ا لتأهيية لمتطلبات الدولة / المستقبل  من اعداد كوادر..الخ والموجه لها ،رغم اقرارنا بصعوبة رسم حدود فاصلة  بين ماهو تنظيمي سياسي، واداري صرف . لقد أصبح الجميع في حيرة من أمره نتيجة غلو  وبيروقراطية الأسلوب الإداري المتبع في كنف الدولة!!!. 
5 ـ إصلاح أم تغيير ؟                                   
إن تعاقب الأحداث الوطنية ـ وما ميز بعضها من التردي ومظاهر الإنحراف والتشرذم والفساد ، بل التحلل من كل التزام اخلاقي يمليه واجب التعلق بالوطن والقضية ... يفرض مبدئيا المشاركة في هذا الحراك السياسي الذي بات يطفو على الساحة مما يسقط معه كل موقف حيادي . لكن لا بد ان تكون المنطلقات واضحة ومخلصة من أجل إرساء قواعد سليمة للعمل الديموقراطي بغية فرض الإصلاحات المرجوة داخل الحركة ؛ وهذا بدوره يقتضي فرضا لأساليب جديدة للعمل السياسي الذي لايزال محتكرا ويخضع لوصاية بعض الأدعياء من القائمين على التنظيم السياسي من الذين لا يرومون تغيير النظم والأساليب نحو الأفضل بما يتماشى مع متطلبات المرحلة ويقوي عضد الثورة ويحصن مكتسباتها ..إن موجبات التغيير قائمة في العقم السياسي المراوح مكانه ،والجمود الفكري المتمثل بهيمنة تلك النمطية الهجينة الرعناء التي لا تفتح المجال لحرية الرأي ولا تستسيغ الجدل كالذي يدورحاليا في الأوساط الصحراوية . إن التغيير آت لا محالة ومعضلتنا أننا لا ندري أننا بهذا التوجه نسهم في موات التجربة بعدما ترهلت .لا بد من مراجعة نقدية لها لفك القيود التي تكبل حركة الفعل الوطني المنظم .ولابد لمثل هذه المشاركة وحتى تكون موضوعية  بناءة وهادفة ترصد الحقائق كما هي دون زيف أو تجن بالإبتعاد عن الأحكام المسبقة  وأن تسوق الحقائق بمنتهى الشفافية  المجردة  أن تبتعد عن التجريح والسقوط في متاهات لا تخدم القضية الوطنية . يجب استهداف الأساليب التي شوشت وشوهت عملنا الوطني وابتسرت حدوده بمدى درجة الاستقطاب من هذا القطب أو ذاك !! ولو أن القطبية تبنى على وحدة في التصور والمنهج والأسلوب ؛ وهذا ماينعدم عندنا إذ يوحد المنطق الإنتهازي ذوي هذه الوجهة لا الإتجاه. لأن الوحدة وحدة مصالح وتوازنات دون الحاجة إلى تصنيف النوع..! إذ لا أخال مناضلينا قد أصيبوا جميعا بالغبن السياسي . لقد أصبح الكثيرون يحتمون تحت تلابيب الإدارة كمؤسسة عليا قي الدولة، ونحن لما نستكمل بعد مرحلة التحرير !! مؤسسة ينخرها الفساد والقيود البيروقراطية .كنا بهذا السلوك المج نفرض على المناضلين الإبتعاد وإلا أصبحوا جزءا من اللعبة الإدارية القذرة  ونستبدلهم بجيش من الإداريين والعناصر النفعية والإنتتهازية . لقد تمت الغلبة لثقافة الإدارة على حس وفعل المشاركة الثورية واستقوت المؤسسة مماأحدث فجوات في العمل التنظيمي  ..لقد أحدثت هذه الصرعة خلخلة في المفاهيم حتى أضحى المناضل يعير بنضاليته! فعوض أن تكون للتنظيم السياسي هيبته وقدسيته أصبح مقودا يخبو في التقارير ويبرز في المناسبات ذات النمط المكرور والتي تجتر نفس الأساليب.....................
لقد أصبح العمل التنظيمي موبوءا رغم كل المساحيق المنساباتية التي تذر بين وقت وآخر في بعض الوقفات السياسية من ندوات ومؤتمرات وغيرها ...إذ عرفت السنوات اللأخيرة غزلا سياسيا موشى بالنفاق والتزلف والتجاذبات والتحالفات بين بعض الزمر؛ مما كبل معه العمل التنظيمي وأفرغه من محتواه و هو الذي كان يعاني اصلا ..لقد فرض الوضع عزوفا تاما إن لم نقل انصرافا عن كل ماهو تنظيمي . ويتحمل المسؤلية في ذلك أطراف اللعبة السياسية الذين كان يملي عليهم نهمهم وتوقهم للسلطة التضحية بكل المبادئ المثلى للحركة . وكانت المصلحة الذاتية  أحيانا أكبر من الوطن إلى درجةالإرتماء في أحضان العدوالمغربي..لقد ولد هذا المناخ انزياحا بالثورة نحو منحى تنازلي خطير له انعكاساته المستقبلية الوخيمة حتى في كنف الدولة الصحراوية المستقلة..لأنه يعكس مستوى الإنحطاط السياسي والتشرذم الذي لا يخدم قضيتنا والتي تفترض درجة من الوئام والتناغم المبني على احترام الثوابت والأخلاقيات .. لقد استقوت تلك الإصطراعات السياسية  في فترات ماـ  خاصة منذ أواخر الثمانينات ـ وغيبت الأداة الثورية وفتح المجال لدائرة الإستقطاب السياسي والتحريض والدعاية ...ولم تكن دعوات المعاندة ولا المساندة كلتيهما تحمل برنامجا أو تصورا واضحا يثلج صدورنا ويقينا غيل الإرتماء في أحضان هذه الكتلة أو تلك ..كان الإصطراع بمثابة النط في في رقعة مربعاتها توحدها المقاييس وتفرقها الألوان والأبطال يعدون في ذات الإتجاه وبالخلاصة ظاهرها اختلاف وباطنها ائتلاف . إن القاعدة الشعبية لا تنخدع بمثل هذه التمظهرات التي ينط أصحابها في كل المربعات مستحدثين كل مرة تخريجة جديدة مغازلين القاعدة بالتبرم عن الماضي وأخطائه . لابد من الإقرار بأن الإعتراف بالخطإ فضيلة لكن ما لم يتم الترفع عنه بالإنصياع إلى الإرادة الشعبية ومطالبها الراغبة في الإصلاح السياسي والإداري ومتعلقاتهما و مالم يتم الإحتكام لمبادئ الثورة سيظل أدعياء هذا التوجه كمن يرتدي برقعا شفافا يبدوا القابعون وراءه مخادعين أنفسهم لا غير !!! فكل دعوة خارجة عن سياق الفعل الثوري ومناهضة الإحتلال   مرفوضة مهما كانت تلاوينها . حبذا لو أن دعاة الحقبة الجديدة أحسوا بنوع من وخز الضمير ونكران الذات  وتأففوا عن الجري في هذا المنحى الإنحداري ؛ مماكان على شاكلة تثبيت المصالح المادية والسلطوية أو تلك التمظهرات التي يعكسها سلوك المحافظة على بعض الإمتيازات الجماعية ك "التوازنات" القبلية والجهوية وتلك الموشاة بالطابع العشائري المتمدد سرطانيا  في جسم الدولة لأننا أصبحنا في زمن تكون فيه الغلبة للمتمددين الذين بإمكانهم اكتساح اكبر للمربعات في سباق محموم مع الزمن . وأظن ان ضمانات المستقبل تكمن في الإستجابة لدعوات التغييروالإصلاح لأن الوطن مازال جريحا والمواطن كسيرا ..ولا شك أن اعتماد التحاليل الصورية يوقع في مثل هذه المنزلقات ولنا العظة في "صناديق العودة"..اإن الثورة الصحراوية تحتاج لإعادة بنائها تنظيميا وفق أسس جديدة فنحن مقبلون غلى تحديات كبيرة فبل وبعد الإستقلال. وإذا لم يتم تحصينها فإن المحاذير كثيرة ..لقد تطور شعبنا سياسيا فلم تعد تقنعه الشعارات وإنما البرامج الميدانية ،المستنبطة من  وحي التجربة ومتطلبات المرحلة وفق تصورات واضحة وبإشراك القاعدة في وضع ملامحها الآنية والمستقبلية إذ لم تعد مقبولة سياسة الإملاء والتسلط بكل أشكاله ..إن هيمنة التيار النمطي المتمسك بخطه التقليدي وبأدران الماضي كبح كل محاولات الإصلاح من الداخل وعرقل امكانية احداث أية طفرة نوعية نحو إعادة البناء والمراجعة وكذا المحاسبة وأصبحنا في أزمنة " العام لمحالي" إذ الكثير من " المسؤولين لا يحجمهم عقال وليس للتنظيم السياسي أية سلطة فعلية للحد من تجاوزاتهم وأحيانا تتم ترقية البعض ولو كان الجرم مخجلا ومشينا أخلاقيا عوض أن يقال أو يستقيل كما في المجتمعات الراقية (دون الدخول في التفاصيل).إذن نحن أمام مرحلة فاصلة تقتضي منا الكثير من اليقظة حفاظا على سمعة التنظيم وهيبته وتجاوبا مع مستويات تطور النضج السياسي لدى شعبنا وتأسيسا لمنظور الدولة المستقلة ..
وأرى في ذات الإتجاه النأي عن إقحام مناضلينا بالمناطق المحتلة في حمى التجاذبات والإستقطابات السياسية مما له من انعكاسات سلبية على خططهم وبرامجهم ف"أهل مكة أدرى بشعابها" كما لابد أن تكون قنوات النسيق السياسي تحظى بالكثير من المصداقية والحيادية وأن ترتقي عن الصورة الإنتقائية في التعامل مع المناضلين . إذ الهم واحد ومشترك ..فمناضلونا بالداخل تحركهم شروط الواقع المعيش في ظل التماس مع آلة الإحتلال مما يتطلب الكف عن سياسات الإملاء والفوقية المتبعة من البعض ..
إن التغيير المنشود ليس عملا انقلابيا على ثوابت الحركة ومبادئها؛ وإنما هو الدعوة إلى عودة تنظيمية نحو الذات لإصلاح  تلك الإختلالات التنظيمية التي بات ينخرها السوس فأوغرت في النفوس امتعاضا من واقع الجمودالفكري والثبوتية السياسية المحافظة . آخذين بعين الإعتبار المناخ الجديد الذي تولد عن مخطط السلام وأسهم هو الآخر وفي حدود معيينة في خلخلة بعض البنيات سواء على مستوى التفكير أوالممارسة تنظيميا وسياسيا ومن ثم على مستوى الأفراد والجماعات. فلا يختلف إثنان اليوم بأن هذا المسلسل وحلقاته الفارغة قد أحدث صدمة وبلبلة قلبت مجموعة من الموازين ،وأدخلنا في دوامة سياسية لاطائل من ورائها. إذ أنه لا يعقل الإستمرار في هذا المسار إلى ما لا نهاية في ظل تعنت الغزاة وصلفهم ..وهنا تجد بعض الإحتجاجات والدعوات الوطنية مقامها في ضرورة الإسراع بمثل هذا الإصلاح؛ وهو ما يقتضي تأطيرها وإقحامها في الميدان وإشراكها  في إرساء معالم مرحلة جديدة تتسم بتفهم الدعوات النقدية الهادفة وعدم استبعاد أو إقصاء كل مسعى وطني  يروم القطيعة مع تراكمات الماضي وأساليبه العتيقة ؛ و التي لم تعد مؤاتية كونها لا تستشرف الواقع الجديد والمتجدد، كما لا تتماشى مع  المبادئ/ الأصل لتنظيمنا السياسي  .
آن الأوان لأن نعيد للتنظيم إشعاعه وللقضية توهجها .وما من شك أن الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ...كصرح ومكسب وطني، تبقى الأداة القادرة على إعادة الأمور إلى نصابها إذا صدقت الإرادات والنوايا.. فهي الضامن لإستقلالنا الوطني .. والصحراويون جميعهم ـ مهما تموقعوا ـ موكول عليهم الإسهام في معركة تقويم وتقوية الحركة بما يخدم أهدافنا في
الحرية والإستقلال ..
* ـ المحجوب النعمة :
ـ معتقل سياسي سابق .

ـ رئيس الدائرة السياسية بوزارة الإعلام الصحراوية .
ـ عضو المكتب التنفيذي لجمعية أولياء المعتقلين والمفقودين الصحراويين.
ـ أستاذ اللغة العربية بالمناطق المحتلة.
ـ عضو المكتب التنفيذي لجمعية المهاجرين الصحراويين ب سيوداد ريال.
- صحفي وكاتب سابق بمجلة الإستفتاء و الخنقة و 20 ماي.

في سابقة من نوعها 70 شخصية برلمانية وسياسية وثقافية موريتانية يستنكرون محاكمة اسود اكديم ازيك .

بيــــــــــــــــــــــان
قررت السلطات القضائية في المملكة المغربية أن تقدم النشطاء الصحراويين المعتقلين في سجن سلا 1 " على خلفية الأحداث التي دارت يوم 8 نوفمبر 2010 في اكديم ازيك " الى محكمة عسكرية تعقد أولى جلساتها يوم 1 فبراير القادم .
إن الشخصيات الموريتانية الموقعة على هذه العريضة لتستنكر إقدام السلطات المغربية على الحبس التحفظي ل 24 ناشطا لأكثر من سنتين من دون محاكمة، كما انها تشجب الدفع بالمجموعة المذكورة الى محكمة عسكرية لا تتناسب إطلاقا مع مرحلة الانعتاق التي تعيشها الشعوب في المنطقة .
وانطلاقا مما تقدم تطالب ب :
1ــ إنهاء حالة الحبس التحفظي لنشطاء اكديم ازيك .
2ــ تقديمهم إلى محكمة مدنية مختصة .
3ــ توفير لهم شروط محاكمة شرعية عادلة .

الموقعون
السيد عبد الرحمن ولد ميني - نائب
السيد محمد المصطفى ولد بدر الدين - نائب
السيد المصطفى ولد اعبيد الرحمن - نائب
السيد محمد محمود ولد لمات - نائب
السيدة المعلومة منت بلال - نائب
السيدة كادياتا ماليك ديالو - نائب
السيد كباد ولد الشيخ - نائب
محمد ولد ببان - نائب
السيد شيخنا ولد السخاوي - نائب
السيد بداهية ولد اسباعي - نائب
السيد القاسم ولد بلالي - نائب
السيد با عليو ابرا - نائب
السيد محمد ولد سيدي ولد دلاهي، رئيس الحزب الموريتاني للدفاع عن البيئة
السيد جدو ولد احمد، رئيس حزب اتحاد الشباب الديمقراطي
الدكتور عمر ولد عبد الله، رئيس حزب عصبة الموريتانيين من اجل الوطن
السيد سيدين ولد محمد، رئيس حزب الاصلاح
السيد محمد الامام المصطفى، الأمين العام لحزب الرفاه
السيد لادجي اتراووري، الأمين العام للتحالف الشعبي التقدمي
السيد عمر ولد يالي، وزير سابق
الاستاذ اديابيرا معروفا، وزير سابق وعميد سابق لسلك المحامين
السيد بوبكر ولد مسعود، رئيس منظمة نجدة العبيد
الدكتور اعمر ولد محمد ناجم، رئيس المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان
السيد ممادو صار، الأمين العام للمنتدى الوطني لحقوق الإنسان
السيد بيرام ولد الداه ولد اعبيدي رئيس مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية
السيد سيد محمد ولد بمبا، أمير الشعراء
السيد عبد الله ولد محمد الملقب النهاه، امين عام الكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا
السيد محمد احمد ولد السالك، امين عام الكونفدرالية الوطنية للشغيلة الموريتانية
السيد المختار محمد امبيريك، امين عام الاتحاد الوطني للنقابات المستقلة
الدكتور محمد ولد احمد ولد يرك، امين عام الكونفدرالية الموريتانية للشغيلة
السيد عبد الله صالح ولد محمد لقمان، امين عام الاتحاد العام للنقابات المهنية
السيد سيدي ولد اعمر، امين عام نقابة حماية المدرس
السيد محمد الأمين ولد عبدي، امين عام مساعد الاتحاد الحر للشغيلة الموريتانية
السيد عبد الله ولد محمد نوح، امين عام النقابة الحرة للمعلمين
السيد محمد ولد احمد زايد، امين عام الكونفدرالية المستقلة للشغيلة
السيد المختار ولد محمد سليمان، امين عام نقابة المستشارين التربويين
السيد محمد عبد الرحيم ولد سيد احمد، امين عام عام نقابة التعليم
السيد سيداتي ولد محمد، الأمين رئيس نقابة المعلمين الاحرار
السيد احمد ولد ارويحة، نقابة المفتشين
السيد المرابط ولد محمدو، النقابة المهنية لأساتذة التعليم الثانوي
السيد احمد ولد محمد سالم، الأمين العام لنقابة المكونين
السيد محمد سالم ولد عابدين، امين عام الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا
السيد الطالب اخيار ولد عبدالله، امين عام الاتحاد المستقل للطلبة الموريتانيين
السيد محمد ولد انداه، امين عام الاتحاد العام للطلبة الموريتانيين
السيد هابو ولد احمد، امين عام نقابة الوحدة الطلابية
السيد يوسف ولد محمد عيسى، رجل اعمال
السيد محمد فال ولد سيدي ميله، كاتب صحفي
الدكتور محمد سالم ولد الصوفي، خبير سياسي
السيد سيدي محمد ولد جعفر، باحث
السيد الناجي ولد عبد الله، كاتب صحفي
السيد سيد الخير ولد الناتي، كاتب صحفي
السيدة آمنة منت المختار، رئيسة رابطة النساء معيلات الأسر
السيدة سي لاله عيشه، مدافعة عن حقوق الانسان
السيد الساموري ولد بي، أمين عام الكونفدرالية الحرة للعمال الموريتانيين
السيد المحفوظ ولد عبو البداع
السيد سي ممادو صمبا، صحفي
السيد ابراهيم ولد الدد، صحفي
السيد احمد ولد جدو، صحفي ومدون
السيد محمد عبد الله ولد اباب، صحفي
السيد مولاي ابراهيم ولد مولاي امحمد، صحفي
السيد الطالب ولد ابراهيم، صحفي
السيد احمد ولد محمد مولود، مصرفي
السيد محمد ولد آبه، صحفي
السيدة آيسا فال، مدافعة عن حقوق الإنسان
السيد محمد ولد محمد الأمين ولد بيه، رئيس منظمة غير حكومية
السيد سيدي محمد ولد ابراهيم بنعوف، رئيس منظمة غير حكومية
السيد الولد ولد باب، رئيس منظمة غير حكومية
باب ولد خويه، الأمين العام المساعد رابطة التنمية
السيدة كمبورة منت محمد، مصرفية
السيد محمد الأمين لمام شريف، خبير دولي
السيدة فاطمة الزهراء منت محمد، اقتصادية

27‏/1‏/2013

الصحراويون وأزواد: اهتمام شعبي, تجاهل رسمي.

يتابع الصحراويون بمختلف اماكن تواجداتهم وباهتمام و قلق بالغين و بتعاطف جلي مع الشعب الازوادي هذه الايام تطورات الحرب الدائرة في ازواد, و يستشعرون مدى تأثير هذه الحرب عليهم و على المنطقة ككل, شأنهم في ذلك شأن معظم شعوب دول الجوار الازوادي, حيث يجدون ضالتهم في الصحافة العالمية و الاقليمية و في مختلف دول الجوار و التي تعج بآراء الخبراء و المحللين و الاخصائيين... و باستشرافاتهم و توقعاتهم و قرائاتهم للقضية الآزاوادية-المالية.
فالكثير من الصحراويين يرون قضية آزواد في جوهرها مثالا شبيها لقضيتهم, فبغض النظر عن الطابع الدولي و التعاطف و الرواج الكبيرين الذين تحظى بهما القضية الصحراوية في الكثير من دول العالم, و الذين لم يسبق للقضية الازوادية ان حظيت بهم, خاصة بعد توقيع وقف اطلاق النار و دخول الامم المتحدة على الخط, و المنحى الاستقلالي الواضح للصحراويين منذ بداية النزاع, الا ان هناك الكثير من اوجه الشبه بين القضيتين, ففي المثالين كان للمستعمر الاوروبي الدور القذر في تلغيم المنطقتين بمصادرة حق الشعبين في تقرير المصير, ليتم استهدافهما بمختلف سياسيات الاضطهاد و الاكراه و التجهيل و التفقير و التهميش... في منطقتين غنيتين تم تسليمهما و العمل على الحاقهما ظلما و بهتانا, بنظامين جارين لا يملكان اي احقية ولا يمتان للساكنة بأية رابطة تاريخية او اجتماعية او ثقافية...
و يشترك الشعبان في الكره و العداء التاريخيين الذين يكننانه لفرنسا و لجيشها بسبب تاريخها الاستعماري المظلم في المنطقتين, اذ بجانب الجرائم الكثيرة التي ارتكبتها في حق الازواديين, بدء من القمع و التنكيل و التهميش... الذين مارسته عليهم ابان حقبة الاستعمار, ومرورا بتسليم الاقليم الى نظام شعبوي فئوي في الجنوب, ضمن بنود الاستقلال الشكلي الذي تفضلت به على مالي, و ليس انتهاء عند تدخلها العسكري الاخير دعما لحكومة الجنوب المالي ضد الحركات المسلحة الازوادية التي تحظى بشعبية كبيرة هناك, ك"أنصار الدين" و "الحركة الوطنية لتحرير ازواد", تستمر فرنسا في لعب نفس الدور القذر وان كان بشكل أقل وضوحا في قضية الصحراء الغربية, حيث تعمل على اطالة امد الصراع عبرالدعم السياسي و العسكري اللامحدود الذي تقدمه للاحتلال المغربي, بالاضافة الى الشراكات الاقتصادية التي تجمعه بها و التي تنهب بموجبها ثروات الاقليم, فلازال الصحراويون يتذكرون الاسلحة الفرنسية التي لطالما ضربوا بها او غنموها في المعارك كما يتذكرون طائرات الجكوار و الميراج الفرنسية التي تدخلت ميدانيا في العديد من المعارك لصالح الجيشين المغربي و الداداهي ولعبت دورا حاسما في انهائها, تماما كما كانت فرنسا تواظب على استعمال الفيتو او التهديد باستعماله لصالح اطروحات الاحتلال المغربي في جلسات مجلس الامن المنعقدة حول قضية الصحراء الغربية و في اروقة مختلف المنظمات الدولية...
 و ما يشار اليه في هذا الصدد هو الروابط العميقة التي تجمع الشعبين, فالبرغم من عدم وجود حدود مشتركة بين الاقليمين, الا ان المسافة بينهما ليست بالكبيرة, خاصة  اذا نظرنا المسافة الفاصلة بين مخيم ولاية الداخلة (مخيمات اللاجئين الصحراويين جنوب غربي الجزائر) و بين ازواد (الحدود الجزائرية المالية), فتاريخيا ظلت العلاقات بين الآزواديين و الصحراويين, و على مدى قرون من الزمن تتوطد و تترسخ, على اعتبار ان المكون العربي "البيظاني" يشكل نسبة معتبرة من الساكنة الآزوادية و ما ينجر عن ذلك من الروابط الثقافية و العرقية و الاثنية و الاجتماعية... التي تجمع الشعبين, فالكثير من العائلات و الشخصيات الوطنية والتاريخية الصحراوية البارزة و المؤثرة تعود أصولها إلى آزواد, و العكس كذالك, و حاليا توجود جالية آزوادية و ان كانت صغيرة في مخيمات اللاجئين الصحراويين و في تندوف الجزائرية تتكون اساسا من عمال البناء تحتك بالصحراويين باستمرار و توفر خدمات مهمة للصحراويين و تساهم الا حد كبير في توطيد العلاقات بين الشعبين الجارين و في استمرارها, و من المرجح ان تتزايد اعداد هذه الجالية بالنظر الى التطورات الاخيرة التي ادت الى نزوح فئات واسعة من الازواديين الى دول الجوار.
و في الجانب الاقتصادي كان الكثير من التجار الصحراويين يعتمدون في رزقهم وفي اعالة اسرهم على نقل البضائع و السلع و خاصة المواشي بين مخيمات اللاجئين الصحراويين و المناطق المحررة و بين آزواد بالرغم من المخاطر الامنية التي كانت تتهددهم, و ساهموا في توفير بعض المواد الاساسية للصحراويين باسعار مناسبة و خاصة اللحوم, و لا ندري مصير هؤلاء التجار و لا مستقبلهم بعد التطورات الاخيرة التي شهدها الاقليم و المنطقة, زد على ذلك ان قطعان مهمة من المواشي و خاصة من الابل, تعود ملكيتها الى مواطنين صحراويين من بينهم بعض العناصر القيادية في البوليساريو, كانت ترتع في المناطق الحدودية و بالاخص في آزواد.
اما امنيا فيعتبر اقليم ازواد مرتعا لكثير من عصابات الجريمة المنظمة العابرة للدول كشبكات التهريب (السجائر, المخدرات, السلاح...) و التي تتخذ من بلدان المنطقة محطات او ممرات او اسواقا... لسلعها, وتجند لأجل ذلك بعض العناصر الصحراوية شأنها في ذلك شأن الفصائل الاسلامية المسلحة التي تستقر في المناطق ذاتها, و التي استطاعت مؤخرا ان تستقطب بعض العناصر الصحراوية هي الاخرى, لكن الاخيرة تمكنت من استهداف مخيمات اللاجئين الصحراويين مؤخرا و اختطاف بعض المتعاونين الاجانب و مقايضتهم بفديات مع دولهم في عملية لازال يحوم حولها الكثير من الغموض.
لكن ما يثير انتباه و استغراب المتتبعين الصحراويين للقضية الازوادية و ما أكثرهم, هو التجاهل المتعمد لهذه القضية في وسائل الاعلام الرسمية الصحراوية و الغموض الكبير الذي يكتنف الموقف الرسمي الصحراوي من القضية الآزوادية, فجميع الدول المجاورة للاقليم و حتى دول المحيط الاقليمي ككل, بل والكثير من المنظمات الدولية و المحلية, و معظم الاحزاب و المنظمات في هذه الدول تصدر البيانات و يتحدث زعمائها و الناطقون باسمها للصحافة حول ارائها و وجهات نظرها حول مختلف تطورات القضية الازوادية, وخاصة حول تأثيرات تطورات هذه القضية على مصالح تلك الدول, في حين تغيب تماما وجهة النظر الرسمية الصحراوية عن الساحة الاعلامية سواء المحلية, الاقليمية أو الدولية.
و بالنظر الى التأثيرات الخطيرة للتطورات الجارية في آزواد على المنطقة ككل و على الصحراء الغربية بوجه الخصوص -على اعتبار الوضع السياسي الهش المتسم بحالة "اللاحرب و اللاسلم" و الانسداد السياسي الحاصل- فثمة الكثير من التحديات الامنية الكبيرة التي من الممكن ان تصل الى الاقليم من قبيل امكانية اضطرار عناصر الحركات الاسلامية المسلحة الى البحث عن منافذ و ملاذات آمنة جديدة خارج اقليم آزاواد بسبب التضييق الذي ستتسبب فيه الحرب المعلنة, و لن تستثنى هذه العناصر المخيمات او الاراضي المحررة الصحراوية من بين الخيارات المتاحة امامها, خاصة إذا علمنا ان من بينهم بعض المواطنين الصحراويين الذين قد يفكرون في العودة و الاستقرار في وطنهم, وأيا كانت نتيجة هذه الحرب فستعمل هذه العناصر على نشر فكرها الجهادي في الاقليم و لربما على تبنيها للصراع وتطبيق رؤيتها إزاء القضية الصحراوية, و التي تعتمد على اسقاط "فتوى العدو الصائل" على الغزو المغربي للإقليم.
و على العموم فقد عودتنا القيادة الرشيدة على التعامل مع كل الملفات الحساسة من زاوية أمنية ضيقة, وعلى تبنيها للمقاربة الامنية في كل المجالات, لذا وجب التذكير ان تجارب دول و شعوب اخرى بينت بالملموس ان الحلول الامنية لم تكن هي الانجع في التعامل مع تحديات من هذا النوع, فمثل هذه التنظيمات تعتمد في وجودها على منطلقات إيديولوجية مترسخة في عقول و قلوب منتسبيها, ولن تنفع معها الحلول الامنية ولا العسكرية, فالوضع يستوجب معالجات شاملة تتعدى الامني الى ماهو فكري و اجتماعي و ثقافي و سياسي...

  salem.hachem@gmail.com


الملتقى الأول للفنانين المهاجرين الصحراويين .. عود على بدء

عالي أحمد سالم ديدة.
لفت إنتباهي مقال لاحد الوطنيين الشرفاء " كرب الهاوا امبارك" بخصوص ما سمي بملتقى الفنان الصحراوي الذي نظمته جمعية صاند بلاست بالتعاون مع الجالية الصحراوية بمدينة بيتوريا بإقليم الباسك وبعلم من ممثل وزارة الثقافة الصحراوية في إسبانيا، وقبل أن أغوص في بحرالمقال أريد ان الفت إنتباه كاتبه حفظه الله إلى أن حب الوطن شعور وإحساس وجداني فلأجله تبذل الدماء وتخضب السيوف وتباع النفوس، وأرق شعور وأنبل إحساس هو حب الوطن ولأن حبنا للوطن حب فطري فليس ضروريا أن يكون الوطن مفعما بالجمال، فقد تكون أرض الوطن جرداء قاسية، ومناخه قاسٍ وجاف... الخ، وعلى الرغم من ذلك يظل الوطن في أعيننا حبيبا وغاليا...
إننا نؤمن بالوطن كقيمة إيمانية عظيمة ترتكز عليها مجموعة اعتبارات مهمة كالولاء والحب والتضحية والدفاع عنه، إلى درجة عدّ الموت في سبيل الوطن شهادة تُدخل صاحبها جنات الخلد، ونؤمن به كقيمة مادية منفعية باعتباره كياناً متجسداً لتحقيق احتياجاتنا ومتطلباتنا، ونؤمن به وجدانياً لارتباط نشأتنا وطفولتنا به، ولذا فإن مبدأ الولاء للوطن يحتم علينا الحفاظ على ثوابته ومنجزاته وكل مكتسباته والدفاع عنها وحمايتها "وفي مقدمتها الوحدة الوطنية " والحفاظ على مقومات الشخصية الوطنية وأن تكون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، أنه لا يجوز الاختلاف على مبدأ الولاء الوطني أو تركه عرضة للاجتهادات الخاطئة.
يعد التراث الشعبي الصحراوي والموروث الثقافي أحد دعائم الهوية الصحراوية ومرآة صادقة له، حيث يمثل الجذور الضاربة للشعب الصحراوي في التاريخ، لتدل على أصالة هذا الشعب وقدرته على الصمود في اوجه المتغيرات والنكبات، ولعبت الفرق الفنية دورًا حضاريًا عبر عروضها التي قدمتها في الملتقيات الدولية كلغة تواصل مع الثقافات الأخرى، تبرز من خلالها ملامح وفنون الشعب الصحراوي وعدالة قضيته لتشكل صخرة تقف في وجه الاحتلال، الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة،  لمحو تاريخ شعب عمر هذه الأرض، لإحلال ثقافته وتصوير الشعب الصحراوي كشعب غريب في ارضه، وعملت الفرق الفنية على إحياء التراث الثقافي غير المادي، و اعطته أهمية خاصة، لكي يعكس العديد من مظاهر الحياة والجوانب الثقافية والفكرية للمجتمع الصحراوي وليعبر عن حياته وعاداته وتقاليده التي لا تمت بأية صلة لثقافة و عادات المحتل المغربي، وما يحزّ في النفس هو نعت كاتب المقال وناقله "المحفوظ محفوظ" حفظه الله الفنان الصحراوي المهاجر بالمزايدة و التطاول كأنه حفظه الله هو الوصي على الإرث الثقافي ‼
أذكرك حفظك الله بأن الفنان الصحراوي سطع كالقمر رغم غياب النجوم في المهرجانات و الملتقيات الدولية لإيصال صوت الشعب الصحراوي و عدالة قضيته وليس ذلك بفضل دانييل سميث او غيرها ، أما فيما يخص ما ذكرته بتنظيمكم يوما دراسيا حول الفن النغمي الصحراوي كل سنة و تستدعون له كل من له علاقة من بعيد او قريب لما لا تستدعون فناني المهجر؟
فقط للتذكير لسنا في صدد تقييم مهرجان ثقافي او مسابقة فنية بين الولايات،ما تم إستناجه من خلال الملتقى الأول للفنانين الصحراويين المهاجرين يمكن تلخيصه في النقاط التالية :
ـ القضية الوطنية فوق كل إعتبار و لا مساومة عليها .
ـ كل ما يخدم الموروث الثقافي الصحراوي بمختلف جوانبه بالتنسيق مع الجهة المعنية (وزارةالثقافة) سيتم التعامل معه طبقاً للمعايير القانونية.

 
electronic cigarette review